للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخريين بأربعة أشياء: اختصاصها بيوم النحر، وأن لا يوقف عندها، وترمى ضحى، ومن أسفلها استحبابًا» اهـ.

الأعمال في يوم النحر وترتيبها:

الأعمال المشروعة للحاج يوم النحر بعد وصوله منى أربعة، وهي: رمي جمرة العقبة، ثم ذبح الهدي، ثم الحلق، ثم طواف الإفاضة، وترتيب هذه الأربعة هكذا سنة، وليس بواجب، فلو طاف قبل أن يرمي أو ذبح في وقت الذبح قبل أن يرمي أو حلق قبل الرمي والطواف جاز، ولا فدية عليه، لكن فاته الأفضل (١)، وهذا مذهب الشافعي وجمهور السلف والعلماء وفقهاء أصحاب الحديث (٢).

ويدلَّ له حديث ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير، فقال: لا حرج» (٣) وهو ظاهر في رفع الإثم والفدية معًا، لأن اسم الحرج والضيق يشملها.

وقال بعض العلماء كالإمام أحمد وغيره إن الرخصة في عدم الترتيب تختص بمن نسى أو جهل لا بمن تعمد (٤)، لما في حديث عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع فجعلوا يسألونه، فقال رجل: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح، قال: «اذبح ولا حرج» فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، قال: «ارم ولا حرج» فما سئل يومئذ عن شيء قدِّم ولا أُخِّر إلا قال: «افعل ولا حرج» (٥).

قال ابن دقيق العيد في «شرح عمدة الأحكام» (٣/ ٧٩): ما قاله أحمد قوى من جهة أن الدليل دلَّ على وجوب اتباع الرسول في الحج بقوله: «خذوا عني مناسككم» وهذه الأحاديث المرخصة في تقديم ما وقع عنه تأخيره قد قرنت بقول السائل: «لم أشعر» فيختصُّ الحكم بهذه الحالة، وتبقى حالة العمد على أصل وجوب الاتباع في الحج، وأيضًا فالحكم إذا رتب على وصف يمكن أن يكون معتبرًا، لم يجز اطِّراحه، ولا شك أن عدم الشعور وصف مناسب لعدم المؤاخذة،


(١) «المجموع» (٨/ ١٦٨).
(٢) «فتح الباري» (٣/ ٦٦٨).
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (١٧٣٤) وغيره.
(٤) «المغنى» (٣/ ٤٤٧)، و «فتح الباري» (٣/ ٦٦٨).
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (١٧٣٦، ١٧٣٧)، ومسلم (١٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>