للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فائدة: لا يجزئ إخراج القيمة بدلاً من الإطعام والكسوة: وبهذا قال الجمهور خلافًا لأبي حنيفة (١).

٣ - تحرير الرقبة: أي إعتاق العبد وتحريره، وقد اشترط الجمهور -خلافًا لأبي حنيفة- أن تكون رقبة مسلمة، حملاً للمطلق في آية كفارة اليمين على المقيد في كفارة القتل والظهار، إذ قال تعالى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} (٢).

قلت: حمل المطلق على المقيد عند اتفاق الحكم واختلاف السبب فيه نزاع أصولي (٣)، والصحيح أنه لا يحمل عليهن فيترجَّح مذهب أبي حنيفة، فلا يشترط في الرقبة المعتقة في كفارة اليمين أن تكون مسلمة، والله أعلم.

٤ - الصيام (بعد العجز عن واحدة مما تقدم):

فإن عجز عن الإطعام أو الكسوة أو العتق، فإنه يصوم ثلاثة أيام.

وهل يلزم صيامها متتابعة؟ (٤)

ذهب أبو حنيفة والثوري وأحمد -في ظاهر المذهب- إلى وجوب تتابع الأيام الثلاثة، واحتجوا بقراءة ابن مسعود وأُبيٍّ أنهما قرآ قوله تعالى «فصيام ثلاثة أيام متتابعات» قالوا: إن هذا قرآنًا فهو حجة، وإن لم يكن قرآنًا فهو رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ يحتمل أنهما سمعاه من النبي صلى الله عليه وسلم تفسيرًا فظناه قرآنًا، وعلى كلا التقديرين فهو حجة (!!).

قالوا: ولأنه صيام في كفارة فوجب فيه التتابع ككفارة القتل والظهار (!!).

بينما ذهب مالك والشافعي -في الأظهر- وأحمد في رواية وابن حزم إلى عدم وجوب التتابع في صيام كفارة اليمين، وحجتهم: أن الصوم غير مشروط بالتتابع في المصاحف التي بين أيدينا، وقراءة ابن مسعود وأُبيٍّ شاذه لا حجة فيها، فمن صام ثلاثة أيام على أي صفة أجزأه.


(١) «الأم» (٧/ ٩١)، و «المدونة» (٢/ ٤٠)، و «المحلى» (٨/ ٦٩)، و «المغنى» (١١/ ٢٥٦)، و «المبسوط» (٨/ ١٥٤).
(٢) سورة النساء: ٩٢.
(٣) راجع المسألة أصوليًّا في «البحر المحيط» للزركشي (٥/ ١٥ - ٢٢) ط. دار الكتبي.
(٤) «المبسوط» (٣/ ٧٥)، و «المدونة» (٢/ ٤٣)، و «الأم» (٧/ ٩٤)، و «المغنى» (١١/ ٢٧٣)، و «المحلى» (٨/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>