للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به سواء كان الثلث أو أقل أو أكثر، لقوله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} (١) وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» (٢) وعلى هذه الحالة تحمل النصوص التي استدل بها أصحاب المذهبين الأخيرين، وهذا قول سحنون من المالكية، والله أعلم.

من نذر الصلاة في بيت المقدس أجزأه الصلاة في المسجد الحرام:

فعن جابر بن عبد الله: أن رجلاً قام يوم الفتح فقال: يا رسول الله، إني نذرتُ إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس ركعتين، قال صلى الله عليه وسلم: «صلِّ هاهنا» ثم أعاد عليه، فقال: «صلِّ هاهنا» ثم أعاد عليك، فقال: «شأنك إذًا» (٣).

تنبيه: لو نذر شد الرحال إلى غير المسجد الحرام أو المسجد النبوي أو المسجد الأقصى، فلا يجوز الوفاء به لأنه نذر معصية وتلزمه كفارة يمين كما تقدم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، ومسجد بيت المقدس» (٤).

نذر اللِّجاج (نذر الغضب):

والمراد به: النذر الذي يراد به الامتناع من أمر أو الحث على فعله، لا التقرب إلى الله، كأن يقول: (إن فعلتُ كذا، فلله عليَّ الحج أو صدقة أو صوم) ونحو ذلك.

وهذا يخرج مخرج اليمين، لأن الناذر هنا لم يرد القُربة، والاعتبار في الكلام بمعناه لا بلفظه، وهذا مقصوده الحضُّ على فعل أو المنع منه، وعلى هذا فإنه لا يلزمه الوفاء به، وعليه كفارة يمين إذا حنث، وهذا مذهب أحمد -في المشهور- والشافعي -في قول- وهو الذي رجع إليه أبو حنيفة، وبه قال إسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر، وهو اختيار شيخ الإسلام وهو قول عمر وابن عباس وعائشة وغيرهم من الصحابة (٥).


(١) سورة: ٢١٩.
(٢) صحيح بمجموع الطرق: وانظر «الإرواء» (٨٩٦).
(٣) صحيح: أخرجه أبو داود (٣٣٠٥)، وأحمد (٣/ ٣٦٣)، والدارمي (٢٣٣٩) وغيرهم.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (١١٨٩)، ومسلم (١٣٩٧).
(٥) «فتح القدير» (٥/ ٩٣)، و «المجموع» (٨/ ٤٥٩)، و «المغنى» (١١/ ١٩٤ - مع الشرح)، و «مجموع الفتاوى» (٣٥/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>