للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رُوى عن عمران بن حصين مرفوعًا: «لا نذر في غضب، وكفارته كفارة يمين» (١) لكنه ضعيف لا يصح.

وسُئل ابن عباس: ما تقول في امرأة جعلت بردها عليها هديًا إن لبسته؟ فقال ابن عباس: «في غضب أم في رضا؟» قالوا: في غضب، قال: «إن الله -تعالى- لا يُتقرب إليه بالغضب، لتكفِّر عن يمينها» (٢).

وذهب مالك، وأبو حنيفة -في قوله القديم- إلى أنه يلزمه الوفاء بالنذر.

إذا نذر قُربةً وهو كافر ثم أسلم: فاختلف أهل العلم في وجوب الوفاء بنذره بعد إسلامه على قولين (٣):

الأول: يجب عليه الوفاء بالنذر إذا أسلم: وهو مذهب الشافعي وداود الظاهري وابن حزم، واستدلوا بما يلي:

١ - حديث ابن عمر: أن عمر قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني نذرتُ أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأوف بنذرك» (٤).

٢ - حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف، قال: «أوفي بنذرك» قالت: إني نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا -مكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية- قال: «لصنم؟» قالت: لا، قال: «لوثن؟» قالت: لا، قال: «أوفي بنذرك» (٥).

الثاني: لا ينعقد نذر الكافر، لا يلزمه الوفاء إذا أسلم: وهو مذهب الجمهور، واحتجوا:

١ - بقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} (٦).

٢ - وقوله سبحانه: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُوراً} (٧).


(١) ضعيف: أخرجه أحمد (٤/ ٤٣٣) وغيره، وانظر «الإرواء» (٢٥٨٧).
(٢) إسناده ليِّن: عزاه شيخ الإسلام (٣٥/ ٢٥٦) إلى الأثرم قال: ثنا عبد الله بن رجاء أنا عمران عن قتادة عن رزارة بن أبي أوفى به.
(٣) «المحلى» (٨/ ٢٥)، و «نيل الأوطار» (٨/ ٢٨٦).
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٢٠٣٢)، ومسلم (١٦٥٦).
(٥) إسناده حسن: أخرجه أبو داود (٣٣١٢)، وانظر «الإرواء».
(٦) سورة الزمر: ٦٥.
(٧) سورة الفرقان: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>