للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاب عن هذا ابن حزم بأنه لا حجة فيه، لأن هذا كله إنما نزل فيمن مات كافرًا بنص كل آية منهما، وقال تعالى {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ...} (١) ثم إنهم مع هذا يجيزون بيع الكافر ونكاحه وهبته وصدقته وعتقه!!.

وفي حديث أبي هريرة -في قصة إسلام ثمامة بن أثال رضي الله عنه -أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ... وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر» (٢).

فهذا كافر خرج يريد العمرة فأسلم فأمره عليه السلام بإتمام نيَّته.

قلت: فالراجح أنه يلزمه إذا أسلم أن يفي بنذر الطاعة الذي نذره في كفره، والله أعلم.

قضاء نذر الطاعة عن الميت:

إذا نذر الإنسان طاعة مما يلزمه الوفاء به، ثم مات قبل أن يوفى، فإن وليَّه يقضي عنه نذره، فإن كان النذر مالاً، فإنه يؤدَّى عن الميت من رأس ماله قبل ديون الناس، لقوله تعالى {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (٣) فعمَّ الله تعالى الدين ولم يخص وقال صلى الله عليه وسلم: «دين الله أحق أن يقضى» (٤).

وإن كان النذر عبادة كالحج والصيام (٥) والاعتكاف ونحو ذلك، فإن وليَّه يؤديه عنه:

١ - فعن ابن عباس «أن سعد بن عبادة رضي الله عنه استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أُمِّه، فتُوفيت قبل أن تقضيه، فأفتاه أن يقضيه عنها، فكانت سنةً بعدُ» (٦) وفي لفظ أنه قال: «اقضه عنها».

٢ - وعن ابن عباس أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أُمِّي ماتت وعليها صوم من نذر أفأصوم عنها؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أرأيت لو كان على


(١) سورة البقرة: ٢١٧.
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٤٣٧٢)، ومسلم (١٧٦٤).
(٣) سورة النساء: ١١.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (١٩٥٣)، ومسلم (١١٤٨).
(٥) وقد تقدم حكم الصيام عن الميت في «كتاب الصيام» فليراجع.
(٦) صحيح: أخرجه البخاري (٢٧٦١)، ومسلم (١٦٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>