للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحارث بن عبد المطلب وعبد الله بن أبي أمية، وكانوا من الذين بالغوا في إيذاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وحاولوا كثيرا القضاء على الإسلام، فرآهما الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأعرض عنهما. فقالت له أم سلمة: يا رسول الله أبو سفيان ابن عمك، وعبد الله ابن عمتك وبعدها قال علي لأبي سفيان أن يأتي النبي بمثل ما قاله إخوة يوسف وذلك طلبا لعفو الرسول، فجاء أبو سفيان وقرأ للنبي الآية: {تا الله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين} فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم - {لا تثريب عليكم اليوم. يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين}.

ولما سمع أبو سفيان ذلك أنشد هذه الأشعار وقد اعتراه حماس وسرور ونشوة:

لعمرك إني حين أحمل راية ... لتغلب خيل اللات خيل محمد

لكالمدلج الحيران أظلم ليلة ... فهذا أواني حين أهدي فأهتدي

هداني هاد غير نفسي ودلني ... على الله من طردت كل مطرد

فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: نعم أنت طردتني كل مطرد (١).

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يباغت أهل مكة فكان كذلك (٢). إذ لم يعلموا بقدومه


= "محمديم" بالحب أو العشق خطأ، ولعل هناك من يقول إن قدوم محمد في عشرة آلاف مقاتل إلى مكة لا يمثل هذه النبوءة ولهذا نذكر هنا مصادر أخرى لبيان اسم مكة، فقد جاء في كتاب التثنية، الأصحاح ٣٣/ ١، ٢) هذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته، فقال: جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران، أتى مع عشرة آلاف من القديسين وفي يده اليمنى شريعة من نار". والمراد بالمجيئ من سيناء، مجيئ موسى عليه السلام، وبمجيئ الرب من سعير أي مجيئ عيسى وبقية الأخبار هي النبوءة المتعلقة بمحمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي ظهر مع عشرة آلاف من الصحابة من جبل فاران، والمراد بشريعة من نار هي الشريعة النورية والسماوية لأن موسى سمع كلام الرب من خلال النار، والمراد [لهم] أن أهل مكة أسلموا حين فتحت مكة.
(١) زاد المعاد ١/ ٤١٣؛ وابن هشام ٢/ ٤٠١.
(٢) فتوح البلدان للبلاذري، [ص:٤٥]، وابن هشام ٤/ ٣٩، وابن سعد ٢/ ١٣٤، ولنلاحظ ما ورد في كتاب النبي ملاخي الأصحاح ٣ [ص:١٣٥٦]: ها أنذا أرسل ملاك فيهيئ الطريق أمامي ويأتي بغتة إلى هيكله السيد الذي تطلبونه وملاك العهد الذي تسرون به هو ذا يأتي قال رب الجنود، ومن يحتمل يوم مجيئه ومن يثبت عند ظهوره؟ " وهذه العبارة الإلهامية تدل على أن الجميع كانوا يتطلعون بشوق إلى الرسول الموعود وإلى معرفة علاماته، وكان الأنبياء السابقون يرون أن من واجبهم بيان علاماته، وكتاب النبي ملاخي آخر كتب العهد القديم، فمن تصدق عليه هذه النبوءة إما أن يكون =

<<  <   >  >>