للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودخل رسول الله مكة في العشرين من رمضان، خاشعا خاضعا لله (١) يتلو سورة الفتح، متوجها إلى بيت الله على ناقته (٢) وأردف معه أسامة بن زيد مولاه، ولما وصل - صلى الله عليه وسلم - هناك قام أولا بتطهير بيت الله من الأصنام، وكان فيه آنذاك ٣٦٠ صنما، فكان - صلى الله عليه وسلم - يوقع صنما صنما بقضيب في يده وهو يتلو قول الحق:

{جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا} (الإسراء: ٨١).

{جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد} (سبأ:٤٩).

فما أن فرغ من ذلك حتى دعا عثمان بن أبي طلحة، وكان مفتاح الكعبة لدى أسرته منذ مدة.

وفي بداية أيام النبوة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن أبي طلحة أن يفتح بيت الله، فرفض، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت، فقال عثمان أهلكث قريش يومئذ وذلت؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بل عمرت وعزت" (٣).

أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - مفتاح باب بيت الله وفتحه، وكبر في نواحيه وصلى لله شكرا وسجد لله تضرعا وإنابة.

وتجمع في ذلك الوقت جميع رؤساء مكة وكبارها ممن:

١ - قتلوا أو أمروا بقتل عشرات المسلمين.

٢ - آذوا مئات المسلمين وأخرجوهم من بيوتهم.

٣ - سافروا إلى الحبشة والشام ونجد واليمن للقضاء على الإسلام والمسلمين.

٤ - هاجموا المدينة مرات عديدة فأقلقوا حياة المسلمين بعد أن اضطروهم للهجرة بعيدا عن ديارهم (٣٠٠ ميل).


(١) وحين يفتح الحكام البلاد يدخلونها في أبهة وعظمة وفرح وضجيج.
(٢) البخاري عن عبد الله بن مغفل - ولنقرأ الآن سفر النبي أشعيا، الأصحاح ٢/ ٢٠ وقد ورد فيه ذكر راكب حمار وراكب ناقة كنبوءة، فالمسيح ذهب إلى بيت المقدس راكبا الحمار وأخرج منه أصحاب الدكاكين وباعة الحمام وطهر بيت الله، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى الكعبة راكبا الناقة، وطهرها من الأوثان، فكلاهما صدقا نبوءة النبي أشعياء.
(٣) الطبري وطبقات ابن سعد (٢/ ١٣٦).

<<  <   >  >>