وفي المساء حضر محمد بن مسلمة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقص عليه حكاية شهادة أخيه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "لأعطن [أو ليأتين] الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله، يفتح الله عليه" ولما سمع المقاتلون هذا تمنى كل واحد منهم أن يعطى الراية في اليوم التالي.
وكانت حراسة الجيش في تلك الليلة في عهدة عمر بن الخطاب، فقبض على يهودي وأتى به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاة التهجد، فلما فرغ من صلاته تحدث إلى اليهودي - فقال اليهودي إن اليهود سيرسلون الليلة نساءهم وأطفالهم إلى حصن الشن (الشق) ويدفنون أموالهم ومحاصيلهم وأمتعتهم في حصن نطاة وإني أعرف ذلك الموضع، وسوف أخبر المسلمين به بعد فتح الحصن، وقال: إن في حصن الشن آلات ومنجنيق وغيرها مما تهدم الحصون وقال إنه سيخبر المسلمين بمواضعها حين يفتح المسلمون القلعة.
فأصبح الصباح فطلب النبي - صلى الله عليه وسلم - عليا رضي الله عنه، فقالوا له إنه يشكو ألما في عينيه، فحضر علي رضي الله عنه فمسح النبي - صلى الله عليه وسلم - بلعابه المبارك على عينيه ودعا له، فشفي من فوره واختفى احمرار عينيه وزال الألم منهما، وطلب من علي رضي الله عنه أن يذهب للجهاد في سبيل الله، وأن يدعوهم إلى الإسلام أولا. فإن أبوا قاتلهم وقال له: والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.
وبدأ علي رضي الله عنه قتال اليهود في قلعة ناعم فخرج رئيس الحصن للمبارزة وكان يدعى مرحب ويقال إنه يساوي في شجاعته ألف مقاتل وحين خرج من الحصن راح يرتجز هذا الشعر