هاجم الأعداء المسلمين، وتخاذلت القبائل التي تحالفت مع المسلمين حين رأت كثرة الأعداء وقوتهم وغلبتهم. فأنقذ الله المسلمين من هجوم أعدائهم بنصره الغيبي، فجاءت القبائل المحالفة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وطلبت منه العفو عما بدر منها من تقصير في حق المسلمين، فنزلت فيهم الآية الكريمة {ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون} أي لو نصرتم في ذلك الوقت لعفونا عن هذا التقصير. وبعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - حاولت الإمبراطورية الإيرانية إعادة سيطرتها على منطقة الجزيرة العربية الجنوبية، كما حاولت دولة الروم بدورها السيطرة على منطقة الجزيرة العربية الشمالية فرأي خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر الصديق إضعاف هاتين القوتين للحفاظ على كيان المسلمين، فحارب أولا الإمبراطورية الرومانية في العراق والشام ثم حارب الإمبراطورية الإيرانية في فارس وخراسان وقد اشتركت جميع القبائل العربية التي عرفت قبلا بعدائها للإسلام والمسلمين، اشتركت مع المسلمين في قتال الأعداء، وهي القبائل التي أجل القرآن الكريم إصدار العفو عن تقصيرها السابق مع رسول الله إلى أن تنصر الإسلام. ولنقرأ مع الآية المذكورة قوله تعالى: {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها}. وتحققت للمسلمين فتوحات عظيمة في البلدان سابقة الذكر وتحقق تنبؤ القرآن من عدة وجوه: ١ - نال المقصرون في حق الإسلام فرصة ثانية لإثبات مصداقيتهم. ٢ - كانت الدول التي واجهها المسلمون دولا مهيبة وقوية بلا أدنى شك. ٣ - أن النتيجة التي خرج بها المسلمون من معاركهم مع الأعداء قد أخبر بها القرآن الكريم، فقد هلك من باشر القتال، وتحققت للمسلمين فتوحات عظيمة ومغانم كثيرة، والذين أظهروا المودة أولا تيقنوا من صدق الإسلام وأسلموا وصدق هذا التنبؤ يتضح من مطالعة تاريخ الجزيرة العربية والشام وإيران وخراسان، ويمكن أن ندرج معها أيضا تاريخ مصر وبلاد أفريقية والأندلس أيضا. وأقدم الآن تنبؤا من كتب الأحاديث كنموذج فقط مع تذكير القراء بأن النصارى لا يقبلون الإحالة إلى الأحاديث، فهم يقولون ويرددون هذا القول بأن كتب الأحاديث جمعت بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليتهم يتعلمون من مسلك المسلمين حيال الأناجيل الأربعة، فنحن نسمع الإحالات المأخوذة منها ونسلم بها ونحيل إليها أيضا معترفين بها، لا لشيء إلا لأن النصارى يعترفون بها، وتتفق جميع كتب النصارى على أن جميع هذه الأناجيل ألفت بعد المسيح بفترة طويلة، ويختلف علماء النصارى تماما حول مؤلفيها وزمن تأليفها وحتى بعض عباراتها وأورد هنا الحديث الشريف وهو النموذج الذي أشرت إليه قبلا: " عن المستورد القرشي أنه قال عند عمرو بن العاص رضي الله عنه، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: تقوم الساعة والروم أكثر الناس، فقال له عمرو: أبصر ما تقول، قال أقول ما سمعت عن رسول =