"نينوى" مكث - صلى الله عليه وسلم - في بطن غار ثور ثلاثة أيام ثم رفع صوت الحق في المدينة الطيبة.
ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل موسى عليه السلام الذي حرر بني إسرائيل من عبودية فرعون مصر، حرر العرب في شمال الجزيرة من سيطرة ملك القسطنطينية (الروم) وحررهم في شرق الجزيرة من عبودية كسرى الفرس وحررهم في جنوب الجزيرة من استعباد ملك الحبشة، ومثل سليمان عليه السلام بنى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة بيتا لا يزال على الدوام يذكر فيه اسم الله، ويضيء بنور التوحيد، ولا يمكن لأي "بخت نصر" أو أمثاله أن يصيبوه بسوء.
ومثل يوسف عليه السلام أحضر المؤن من نجد (بواسطة ثمامة بن أثال) لأخوته المكيين الذين آذوه وظلموه، ثم بشرهم يوم فتح مكة ببشارة "لا تثريب عليكم اليوم" وملكهم بالإحسان بقوله "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
وكان - صلى الله عليه وسلم - في وقت واحد صاحب دولة مثل موسى عليه السلام وصاحب إمامة مثل هارون.
واجتمعت في ذاته - صلى الله عليه وسلم - حرارة نوح عليه السلام ورقة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وعفو يوسف وانتصارات داوود عليه السلام، وصبر يعقوب عليه السلام، وسطوة سليمان عليه السلام، وتواضع عيسى عليه السلام، وزهد يحيى عليه السلام، وخفة روح إسماعيل عليه السلام ... .
أنت يا من تملك منذ الأزل عرش السيادة تلك المحاسن التي اجتمعت في الكرام
اجتمعت فيك وحدك ...
يا من جلست على عرش السيادة.
تلك المحاسن التي اجتمعت.
في الكرام ...
اجتمعت فيك وحدك ... .
رغم وجود جميع الألوان المقدسة في شمس الرسالة إلا أن نور ـ[رحمة للعالمين]ـ الذي احتوى بداخله جميع الأنوار، أضاء الدنيا بشعاع أبيض صاف.