وعليهم أن يقرأوا أيضا الدرس السابع من الإصحاح التاسع والثلاثين من سفر التكوين حيث جاء:
وحدث بعد هذه الأمور أن إمرأة سيده رفعت عينيها إلى يوسف" [ص:٦٥].
ولنقرأ بعدها الدرس التاسع والعشرين من الأصحاح نفسه:
"فكان لما سمع سيده كلام امرأته التي كلمته به قائلة بحسب هذا الكلام صنع بي عبدك أن غضبه حمى فأخذ يوسف سيده ووضعه في بيت السجن، [ص:٦٦].
في الاقتباسات الثلاثة السابقة ذكر فوطيفار على أنه سيد يوسف.
وورد في الأصحاح التاسع عشر من سفر التكوين:
أن "نادت امرأة فوطيفار يوسف بالعبد"
فهل صار يوسف عبدا في حقيقة أمره بإطلاق هذه الكلمات صفة له؟
فإن صح أن يوسف لم يصبح عبدا بشراء فوطيفار، له فيصح أيضا ألا تكون هاجرة أمة بخدمتها لسارة، ووصف سارة إياها بالأمة، والحمد لله على ذلك.
ويجب على من يقرأ الروايات العربية أن يعلم أن كلمات: الوليد، والجارية والأمة في اللغة العربية تستعمل للابنة كما تستعمل للأمة، والأصل فيها أن الإسلام لا يخاطب الإماء إلا بالكلمات التي وضعت أصلا للبنات. ولهذا فإن رأوا كلمة من هذه الكلمات استعملت في حق هاجرة، فلا يجب أن يأخذوها دليلا على أن هاجرة كانت أمة، بل عليهم أن يتذكروا ما ورد في صحيح البخاري على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - من لفظ "فأخدمها" فالإنسان لا يصير عبدا لخدمته لإنسان آخر، وها هو أنس بن مالك الأنصاري رضي الله عنه خدم النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر سنوات ولم يقل أحدا بأنه كان عبدا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وجد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعى شيبة وهذا هو اسمه الحقيقي، ولكن ظل يسمي نفسه مدى حياته عبد المطلب اعترافا بجميل عمه الكريم المطلب عليه، حتى غلب هذا اللقب على اسمه الأصلي، ولم يذكر أحد من المؤرخين أنه كان عبدا للمطلب.
وكذلك لما رجع يعقوب عليه السلام من خؤولته، بعث خدمه بالهدايا إلى أخيه عيسو وأمرهم بأن يقولوا له:
"لعبدك يعقوب هذه هدية مرسلة لسيدي عيسو وها هو أيضا وراءنا"[ص:٥٣].