للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي صحيح مسلم عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه وطارت القرعة لعائشة وحفصة وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث معها، فقالت حفصة لعائشة: ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك فتنظرين وأنظر؟ فقالت: بلى، فركبت فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جمل عائشة، وعليه حفصة فسلم عليها ثم سار معها، حتى نزلوا فافتقدته عائشة فغارت. فلما نزلوا جعلت رجليها بين الإذخر وتقول: يارب! سلط علي عقربا أو حية تلدغني .. ولا أستطيع أن أقول له شيئا (١).

يروى عن عائشة رضي الله عنها أنه بينما رسول الله يرقع نعليه وأنا أغزل بالمغزل إذا بي أرى العرق يتصبب من جبينه المبارك، وينبعث منه هذا العرق نورا وضاء يتلألأ، فتحيرت من هذا المنظر فنظر إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: يا عائشة مالي أراك في حيرة فقلت يا رسول الله، رأيت العرق يتصبب من جبهة رسول الله، وبداخله نور وضاء يتلألأ، والله لو رأى أبو كبير الهذلي (٢) النبي - صلى الله عليه وسلم - لعرف أن ما رأيته هو مصداق لما قاله من شعر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي أشعار تلك فقرأت هذه الأشعار على النبي - صلى الله عليه وسلم -:

ومبرئ من كل غير حيضة ... وفساد مرضعة وداء معضل

وإذا نظرت إلى أسرة وجهه ... برقت كبرق العارض المتهلل

فوضع النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كان في يده، وقبل جبهة عائشة الصديقة رضي الله عنها وقال: ما سررت مني كسروري منك.

٣ - ومن أمثلة حب عائشة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما قد ظهر حين نزلت آية التخيير يقول تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا (...) وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما} (سورة الأحزاب: ٢٨ - ٢٩).

أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بها في البداية الصديقة رضي الله عنها.

فقال: "إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك" فقالت حين سمعت الآية: ففي أي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله


(١) مسلم في فضائل الصحابة (٢/ ١٨٩٤ - ١٨٩٥ رقم ٢٤٤٥).
(٢) شاعر مشهور من شعراء الجاهلية.

<<  <   >  >>