ولا يغلق أبواب الرحمة والفضل دون غيره مثل اليهود والنصارى والزرادشتية والبراهمة والجينيين والبوذيين.
ألا إن رحمة للعالمين هو الذي يربط العبد بربه ويرشده إلى قوله {ادعوني أستجب لكم} ولا يجعل هناك واسطة بين العبد والرب.
ألا إن رحمة للعالمين هو الذي يجلس جنبا إلى جنب مع عداس النينوائي، وبلال الحبشي، وسلمان الفارسي، وصهيب الرومي، وضماد الأزدي، وطفيل الدوسي، وذو الكلاع الحميري، وعدي الطائي، وأثامة النجدي، وأبو سفيان الأموي، وأبو ذر الغفاري، وأبو عامر الأشعري، وكرز الفهري وأبو حارث المصطلقي، وسراقة المدلجي، وهل شوهد حول أحد هذا الجمع الحاشد الذي يضم شعوبا وقادة مختلفين، كل امرئ منهم يمثل بلده وقومه، ويملأ جيبه بالأزهار، بقدر سعة قلبه، ويعطر بها أنفاس بلاده.
ألا إن النبي - صلى الله عليه وسلم - "رحمة للعالمين" هو الذي يوجد بحضرته عثمان بن طلحة الذي احتل مكانة سامية بين العرب لتوليه مفاتيح الكعبة، مثل ما يكرم سادن كنيسة روما لتوليه مفاتيح السماء بزعمهم، ويوجد بحضرته عبد الله بن سلام أيضا الذي ينتهي نسبه إلى يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام، وإذا نظرت إلى وجاهته القومية وجدت أطفال بني قريظة وبني قينقاع وبني النضير وخيبر وفدك تقول إنه خيرنا وابن خيرنا. وإذا أردت أن تعرف فضيلته العلمية وعظمته القيادية فاعلم أن الربيين والأحبار كانوا يصفونه بسيدنا وابن سيدنا. فهذا هو الرجل العظيم يعتز ويفرح ويفتخر بجلوسه على عتبة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ويوجد بحضرته صرامة بن أنس أيضا، وكان عالما بصحف الأنبياء، زار سوربا والقدس مرارا، درس التوراة والإنجيل باللغات القديمة، وكان معظما عند هرقل ملك الروم، معترفا بعظمته عند النجاشي ملك الحبشة، فكأنه أكبر أساقفة نصارى الحجاز، ولكنه يردد الآن قول الله تعالى:{ما المسيح ابن مريم إلا رسول} ويستغرق في لذة التوحيد الخالص.
ويوجد في حضرته آيضا سلمان الفارسي وهو بكر رجل من كبار أهل فارس، فارق المجوسية واعتنق المسيحمة الكاثوليكية، ولما لم يطمئن لها قلبه خرج باحثا عن الدين