والذي وجه الإنسان في كل مرحلة من مراحله في فقره وغناه، وشبابه وهرمه، وحربه وسلمه وخوفه ورجائه، ورقه وسيادته، وطربه وورعه، وفرحه وترحه.
والذي عرف الخلق بخالقهم، في علو السماء، وحضيض الأرض، وظلام الليل، وضوء النهار وأشعة الشمس، وتلألأ اليراعة، وتناثر الذرات، وطراوة القطرات.
والذي جعلت تعاليمه السامية من الوحوش حيوانات أليفة، ومن الذئاب رعاة، وقاطعي الطريق قادة، والعبيد ملوكا، والملوك إخوانا ناصحين، والذي فجر ينابيع العلوم والمعارف في الصحراء القاحلة الجرداء.
والذي جعل الطماعين الحريصين يؤثرون على أنفسهم في سبيل الله قومهم ووطنهم.
فالذي يجمع بين هذه الصفات كلها إن لم يلقب برحمة للعالمين فبأي شيء يلقب إذن؟ ألا إن رحمة للعالمين هو الذي قرب البلاد، وألف الشعوب وقضى على اختلاف الألوان والألسنة وملأ القلوب بعاطفة واحدة، والعقول بفكرة واحدة، وأنطق الألسنة بكلمة واحدة.
ألا إن رحمة للعالمين هو الذي لا يجعل النبي " لاوي " وسيلة لقبول النذور مثل اليهود.
ولا يعطي مفاتيح السماوات إلى رجل واحد مثل المجوس.
ولا يمنح البراهمة حق إدخال الروح في الجنة أو النار.