هذه هي الكلمات التي تمتع أسماع المستيقظين والنائمين بإخبارهم عن أجمل بداية ونهاية لكيانهم. فهل هناك مثال لرفعة الذكر أسمى من هذا؟
ولماذا لم يتيسر اليوم لملك في ملكه، أو لزعيم في أتباعه، أن يعلن اسمه الميمون ليلا ونهارا ليصل إلى الأسماع، سواء أحب سماعه أحد أو لا؟ إلا أن الإعلان السابق يصل بالضرورة إلى أعماق القلب مرورا بالأسماع.
نعم إن هذه الخاصية السامية قد حصلت لذلك الاسم المختار وحده الذي رفع ذكره رب العالمين، والذي أخبر عنه في كتاب اشعياء بأن بورك له في اسمه.
٢ - انظروا إلى توماس كارلايل، إنه نصراني من رأسه إلى أخمص قدميه، يعد بفضل معرفته للتاريخ واللغة من العلماء الأعلام في انجلترا كلها. ألف كتابه عن أبطال العالم، فلم يختر من بين الأنبياء عليهم السلام إلا اسم النبي محمد (ص).
فهل ترون أنه نسى معجزات موسى عليه السلام، وأنه جهل أعماله التي حفظت في أمواج البحر الأحمر وذرات تراب فلسطين؟
ألا يعرف داود الذي جمع شمل أسباط بني إسرائيل بعد التشتت، وأنشأ دولة قوية لم يرها، بل لم يحلم بها أولاد يعقوب إلى الآن؟
ألم يعلم كارلايل أن داود عليه السلام جمع بين العبادة والموسيقى، فملأ الهواء بالنغمات والجو بالمناجاة؟ إن تشجيع داود للموسيقى كان من الواجب أن يهز قلب كارلايل الراقص هزا.
هل تظنون أن كارلايل نسى تنبؤات أشعياء التي كانت مادة التأليف لأناجيل متى ويوحنا؟!
هل تعتقدون أنه جهل بركات النبي دانيال التي حملت ملك بابل الكافر والجائر على المحافظة على اليهود وتكريمهم، والذي أنقذ مئات الألوف من المؤمنين من القتل والصلب، وكشف النقاب عن طلسم أحداث المستقبل لمئات السنين بمفتاح تعبير الرؤيا؟ وهل تعتقدون أن كارلايل جهل خدمات شالتي ايل الذي بنى بعد الخلاص من الأسر قصر أورشليم الذي لا يقل عن هيكل سليمان؟
وهل تظنون أن كارلايل لم يعلم كهانة زكريا أي إخباره بالغيب وزهد يوحنا المعمدان وعبادته ووعظه وتذكيره؟