للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الإجابة عن هذه الأسئلة كلها بالنفي.

أيها الأعزة! إن الأستاذ توماس كارلايل مع علمه بهذه الأمور كلها، بل مع الإيمان بها، كان مضطرا لاختيار اسم النبي (ص) من بين الأنبياء جميعا عليهم السلام.

ولا يظن هنا أن كارلايل كان ملتزما باختيار اسم واحد فقط من بين الأنبياء، ولذا اكتفى باسم النبي (ص) فقط لأن هذا المؤلف نفسه لم يتقيد بالعدد الواحد في أصناف الحكماء والشعراء والفلاسفة. وهكذا فلو أراد لأتى بأكثر من اسم في مبحث النبوة.

وهذا يقوي دليلنا أكثر، ويوضح أن كارلايل حينما نظر في ضوء بحثه التاريخي إلى شمس النبوة المحمدية، لم يجد في سماء النبوة التي امتدرت لآلاف السنين كوكبا نبويا آخر يماثل محمدا (ص)، حتى يضعه في جنب هذه الشمس المنيرة في كتابه.

هذا نموذج رفعة الذكر، نصراني صادق في نصرانيته وأستاذ في جامعة مثل كيمبردج تفتخر به انجلترا كلها، يؤمن بألوف الأنبياء ويعلم أسماء مئات منهم، وحينما أراد تقديم نمونج للنبوة قدم اسم سيدنا ومولانا محمد (ص) النبي الأمي، وبهذا تمت كلمة الرب تعالى في القرآن: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} (١).

٣ - ثم ينبغي أن نتذكر بيان المؤمنين لرفعة الذكر، فقد أثبتنا بالكتاب المقدس الحالي أن كل نبي من سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى يعقوب وموسى وداود وسليمان وأشعياء ويرمياه ودانيال وحرقيال وحبقوق وملاخي ويحيى وعيسى عليهم الصلاة والسلام، قد بين المحامد المحمدية والصفات المصطفوية بأساليب بديعة وعلامات متنوعة. وهذا هو الأمر العظيم الذي لم يحصل لأي نبي آخر.

إن مؤلف الإنجيل الأول القديس متى قد أشار إلى بعض التلميحات التي وردت في الصحف السابقة عن سيدنا عيسى المسيح عليه السلام. وعلى المنصف أن ينظر إلى تلك الإشارات المجملة ويفكر في طريقة استدلال متى التي استخرجها، ثم لينظر إلى الآيات البينات التي توجد في الكتاب المقدس نفسه وتصدق على ذات النبي (ص) المباركة.

كان القديس متى محبا صادقا للمسيح، وكان مطلعا تمام الاطلاع على محتوى الكتاب المقدس وذلك يؤكد لنا أنه لم يكن ليترك تسجيل تنبؤ في إنجيله يتعلق بالمسيح.


(١) الأحزاب: ٢١

<<  <   >  >>