للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه المعاهدة لو رآها سياسي في العالم لعرف أن المسلمين كانوا قد صالحوا بتنازل كبير أو على شروط مجحفة، ولكن هادي الإسلام جعل هذا الصلح فتحا مباركا، ووصفه القرآن الكريم بأنه فتح مبين، وذلك:

الف - لأن قريشا، وهم أعداء المسلمين الحاقدون، وعدوا بالسكوت وعدم المحاربة لعشر سنوات.

ب - وأن الفتح قد أتاح فرصة التنقل الحر للفريقين.

ج - وتمكن المسلمون من نشر الدعوة في قبائل الكفار، ومتى فهم الناس حقيقة الإسلام زالت الشكوك الكاذبة، وبطلت الظنون الخاطئة.

ولفظ ((الفتح)) يطلق على الانتصار في الحرب، وعلى حل المشكلات، وقد كان هذا بالنسبة للإسلام فتحا مبينا فقد أزيلت العقبات من طريق الدعوة الإسلامية. والآن ننظر إلى كلمة ((الذنب)) الواردة في آية العنوان:

ألف - أنها تطلق على المعصية، والمعصية تطلق على مخالفة الأحكام الشرعية.

ب - وتأتي بمعنى الإتمام، أي إتمام بالخروج على أحكام وطنية أو حكومية أو قومية، وإذا نظرنا إلى كلمة ((الذنب)) (بالفتحتين) بمعنى الذيل لعرفنا معنى ((الذنب)) (بفتح وسكون) أي التهمة التي ألصقت وراء أحد. والذنوب (بفتح الأول)، وهو الدلو الذي ربط في طرف الحبل، وهذا أيضا يرشد إلى المعنى اللغوي، ولذا لا يجب أن يفسر الذنب في الآية بالمعصية، ثم يظن أن هناك معصية ارتكبها النبي (ص). اسمعوا للقرآن يقول على لسان موسى: {ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون} (١).

فمن الواضح أن موسى عليه السلام لم يرتكب معصية شرعية لدى فرعون وقومه، ولذا يصح أن نترجمها بالتهمة، وهناك فرق كبير بين التهمة والجريمة، فإن لفظ ((التهمة)) يطلق على الجريمة التي يعتقد المدعى أنها صدرت من شخص بمخالفة حكم القانون أو الدولة. والجريمة تطلق على فعل الشخص بعد ثبوت مخالفته للدولة أو القانون.


(١) سورة الشعراء: ١٤

<<  <   >  >>