للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انظروا كيف ذهب عقلهم هنا، إنهم دعوا بأمطار الحجارة، ولم يدعوا بأن يفتح الله قلوبهم ويحملهم على قبول الحق إن كان محمد صادقا ودعوته حقة.

وبعد الدعاء وجب إمطار الحجارة عليهم، لأنهم قد جعلوه شرطا لصدق الإسلام، فأمر الرسول (ص) برمي حفنة من التراب عليهم، وحينما تصل إلى عيونهم فإنها تتفتح فيعرفون حينئذ أن أمطار الحجارة من السماء أيضا ليس ببعيد. فالرمي معجزة وكذلك دليل على ما طالب به الجاحدون أنفسهم، وينبغي التذكر ضمن التصريح المذكور أن قصد الرامي من رمي الحجارة إعلان البراءة منهم أيضا، أي من الأشرار الذين ابتعدوا عن الحق والصدق بخبثهم الدفين، بحيث لا يرجى منهم رشادا ولا هداية.

ورمي سيدنا إبراهيم في منى الشيطان المضل، ثم الاستعداد لتنفيذ الحكم الإلهي بكمال الرضى والرغبة كان على ذلك الأصل. وقد اتبع النبي (ص) نفس النمونج في بدر. إن سيدنا إبراهيم كان قد نجح في تخييب نفس شريرة. وفخر الأنبياء محمد (ص) قد رمى حفتة من التراب نحو ألف من الطغاة البغاة فخيب آمالهم وعزائمهم.

وهكذا فآية العنوان مظهر خاصية معيتة من خصائص النبي (ص).

<<  <   >  >>