للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأرى أن موسى عليه السلام لو حاول إقناع النبي (ص) بدليل آخر غير قوله ((إن أمتك لا تطيق)) لم يرض (ص) بمراجعة الله تعالى وطلب التخفيف في عدد الصلوات.

ولم تكن الصلوات الخمسون كثيرة في نظر النبي (ص) بالتظر إلى كمال عبوديته وفرط شوقه ورغبته في العبادة، ولما كان قلبه الشاكر ولسانه الذاكر لا تفتر عن ذكر الله لحظة، فكيف يستكثر الركعات المعدودة في أوقات محدودة، ويستصعب أداءها؟

٤ - كان النبي (ص) في طريقه من المدينة إلى مكة في رمضان، وهو صائم، حتى إذا كان بعسفان طلب الماء ورفعه بيده ليراه الناس فشربه ولم يصم حتى وصل إلى مكة (١) وقد جاء ذلك في رواية ابن عباس عند البخاري، ولكن الروايات الأخرى صرحت بأن النبي (ص) أفطر لأنه عرف أن الصوم في السفر شق على أصحابه، وما شق على أصحابه شق على نفسه (ص) (٢).

٥ - ورد في الصحيحين والسنن عن عائشة في صلاة التراويح أن النبي (ص) صلى بالناس ليلتين ولم يخرج بالثالثة، ولما أصبح (ص) قال:

((قد رأيت صنيعكم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن يفرض عليكم)) (٣).

٦ - وفي صحيح مسلم عن أنس قال: كان رسول الله (ص) يصلي في رمضان، فجئت فقمت إلى جنبه، وجاء رجل آخر فقام أيضا حتى كنا رهطا، فلما حس النبي (ص) أنا خلفه جعل يتجوز في الصلاة (٤).

٧ - وروت أم المؤمنين عائشة فقالت عن عادته (ص): إن كان رسول الله (ص) ليدع العمل وهو يجب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم (٥).

ومجموع هذه الروايات تدل على رسوخ صفة (عزيز عليه ما عنتم) سورة التوبة:

١٢٨ في النبي (ص)، وأن تعب أمته كان يشق عليه كثيرا.


(١) البخاري (٤٢٧٩).
(٢) كما أخرجه الطحاوي من طريق أبي الأسود عن عكرمة، انظر الفتح (٤/ ١٨١).
(٣) البخاري (١١٢٩)، ومسلم (٧٦١).
(٤) مسلم في كتاب الصيام (٧٧٥/ ١ رقم ١١٠٤).
(٥) البخاري (١١٢٨).

<<  <   >  >>