سلمنا بقول الآريين يتضح أن البوذية لم تكن ديانة مستقلة، بل كان بوذا مجددا لديانة الفيدا (١).
ولننظر إلى ديانة الفيدا، أنها ازدهرت قبل الحرب التي عرفت ب (مهابهارت) ولكن الفيد والكتب الستة (شاستر) ومنوسرتي لا تذكر أبدا أن ديانة الفيدا ديانة دعوية، وكذلك لا تذكر أنه تم تبشير أمة أخرى بها.
وكتاب منو ((منو سمرتي)) تثق به الفرقتان، الآرية وسناتن، وهو يقسم جميع السكان إلى أربع طبقات. الأولى من بينها طبقة البراهمة، وهي مختصة بتحصيل العلم والفضل وقراءة الفيدا. وهذا التقسيم وما فيه من الإلزام والتقييد يدل على أن السيد منو وأتباعه الذين اجتمعوا لتعلم كتاب ((منوسمرتي)) لم يجعلوا ديانة الفيدا ديانة دعوية قط.
ونترك هنا ذكر الأديان قليلة الانتشار في العالم ونشير إلى أن سلوك الأمم العظيمة المذكورة قبلا يؤكد ما قلنا.
تأملوا في شريعة موسى عليه السلام التي لم تعترف قط لأحد من غير بني إسرائيل بالإمامة. وكنيسة روما التي لم ترض قط بأن يكون غير أوربي خليفة بطرس، وكذلك لم يعين آسيوي قط أسقفا، ولم يعين يهودي أو نصراني أو مغربي مرشدا أو سادن معبد في الديانة الهندوكية.
وهذه التجارب العملية تبرهن على أن أغلب كبار هذه الديانات فهموا أن دياناتهم خاصة بمنطقة معينة وأمة محدودة.
وكون بعثة النبي (ص) عامة لكافة البشر يثبت بآيات أخرى من القرآن الكريم غير آية العنوان هنا، يقول تعالى:{قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض}(الأعراف: ١٥٨).
(١) قول الآريين هذا ليس صحيحا، فإن بوذا كان قد منع الناس من تدريس اللغة السنسكريتية ودراسة الفيدا، وقد اعترف بذلك مؤلفو البوذية أنفسهم.