للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعم، بقى علينا أن نصرح بالذين أرسل إليهم عيسى عليه السلام. فلندرس لذلك الأصحاح الخامس عشر من إنجيل متى، إنه يحكي قصة امرأة كنعانية لم تكن إسرائيلية وجاءت إلى المسيح ليشفى بقوته المعجزة ابنتها المجنونة، ولكن المسيح قال لها: ((لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة. فأتت وسجدت له قائلة يا سيد أعني، فأجاب وقال: ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب)) (١).

وهذه الواقعة بكاملها جديرة بالتأمل بقلب هادئ وفهم كامل، فالمسيح عليه السلام قال بوضوح: إنه لم يرسل إلى أمة سوى بني إسرائيل، ثم إنه شبه بني إسماعيل بالأولاد والأمم الأخرى بالكلاب. وحرمان الأمم الأخرى بركاته قد أوضحه بدليل أن خبز الأولاد لا يمنح الكلاب.

وورد في إنجيل متى أن المسيح حينما أرسل تلاميذه الاثنى عشر للدعوة أوصاهم قائلا: ((إلى طريق أمم لا تمضوا إلى مدينة للسامريين لا تدخلوا)) (٢).

ويظهر من هذا أن الدعوة في الأمم الأخرى كانت محظورة البتة، ومنع الإسرائيليون أيضا من الذهاب إلى السامريين.

وهذه الشواهد تكفي لاثبات أن نطاق نبوة المسيح عليه السلام ومسئولية حواريه الاثنى عشر في الدعوة كان محصورا في بني إسرائيل أنفسهم.

وبعد أنبياء بني إسرائيل انظروا: أي دين في الدنيا توجد فيه ميزة الدعوة والإرشاد؟.

لعل عامة الناس يظنون أن الدعوة العامة توجد في البوذية ولكن تاريخها الممتد عبر القرون يوضح أن البوذيين لم يبلغوا الدعوة إلى أمة أخرى حتى في عصر ازدهار البوذية، ولم يدخل أحد في دينهم من الإسرائيليين والبابليين والمصريين والحجازيين والمغربيين وغيرهم. وهذه شهادة قوية بأن البوذية كانت مختصة بأمة ومحصورة في منطقة، ولو


(١) إنجيل متى (١٥/ ٢٤ - ٢٦).
(٢) إنجل متى (١٠/ ٥).

<<  <   >  >>