مكة وخارجها وحيدا في الليل والنهار، ولكن لم يجرؤ أحد على محاولة اغتياله.
وكان (ص) يخرج إلى الأسواق والأعياد حيث يجتمع ألوف الناس وعشرات القبائل، فيدعو إلى التوحيد، فلم يجرؤ أحد من عباد الآلهة والأوثان على مهاجمته.
وقام (ص) بجولات عديدة لدعوة القبائل البعيدة عن مكة والمعروفة بخشونة الأخلاق وسفك الدماء، ولم يكن معه أحد في هذه الأسفار سوى أبي بكر، وكما أنه لم يكن يعرف أحدا منها، كان (ص) يذهب إلى كل مكان للدعوة ويتم حجة الله على الجميع، ولكن لم يجرؤ أحد على التعرض له أو قتاله.
وقبل سفر الهجرة بثلاثة أيام جمع أعداؤه فتى شجاعا من كل قبيلة، وحاصروا بيته (ص)، ولكن لم يجرؤ أحد منهم على الدخول في بيته فانتظروا طول الليل حتى يخرج النبي (ص) بنفسه ليهجموا عليه، ولما خرج (ص) وحيدا أغضبهم بقوله (ص): ((شاهت الوجوه، لا ينصرون)) (١) ورماهم بالتراب، ومع ذلك لم يرفع أحد منهم رأسه حتى يرى وجهه المشرق.
اجتمع حاكم الطائف وأهلها على عدائه (ص)، ولكن انحصر هذا العداء في رميه بالحجارة ومنعه من الكلام. ثم وفي النهاية حضروا مع حاكمهم ابن عبد ياليل إلى المدينة
ودخلوا في الإسلام.
وتجلت أمثلة ((نصرت بالرعب)) في أحوال الدول الكبرى المعاصرة له أيضا فقد خرجت دولة اليمن من طاعة فارس، ودخلت في الإسلام دون قتال، ولم تتعرض لها دولة فارس بشيء فإن رعب النبي (ص) كان مستوليا على قلوبهم وعقولهم.
خرج شمال الجزيرة العربية من طاعة روما، فأصدر ملكها أمره بحشد الجيوش والهجوم على الجزيرة العربية، وخرج النيي (ص) لصد هذا الهجوم إلى حدود تبوك، فدخل الرعب في قلب إمبراطور أورشليم الذي كان على بعد شهر، فأمر بإلغاء أوامره العسكرية وجلس لا يحرك ساكنا.
ومن الدول القديمة في الجزيرة العربية إمارة الحيرة وغسان، ومن شعرائهما حسان ابن ثابت وكعب الأنصاري، ولكنهما تركا الملوك المتوجين وحضروا إلى النبي (ص) .. ثم