للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله (ص). {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} (١).

والمقام المحمود هو مقام الشفاعة، فمتى يقوم النبي (ص) هذا المقام يحمده الأولون والآخرون (٢).

وهناك حديث صحيح أخرجه الشيخان عن أنس يفسر هذه الآية، قال (ص):

((يحبس المؤمنون يوم القيامة حتى يهموا بذلك فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا فيريحنا ض مكاننا، فيأتون آدم فيقولون: أنت آدم أبو الناس، خلقك الله بيده وأسكنك جنته وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، لتشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا. قال فيقول: لست هناكم، قال ويذكر خطيئته التي أصاب أكله من الشجرة وقد نهي عنها، ولكن ائتوا نوحا أول نبي بعثه الله تعالى إلى أهل الأرض، فيأتون نوحا، فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب سؤاله ربه بغير علم، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن، قال فيأتون إبراهيم فيقول: إني لست هناكم، ويذكر ثلاث كذبات كذبهن، ولكن ائتوا موسى عبدا آتاه الله التوراة وكلمه وقربه نجيا، قال فيأتون موسى فيقول: إني لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب قتله النفس، ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وروح الله وكلمته، قال فيأتون عيسى فيقول: لست هناكم، ولكن ائتوا محمدا (ص) عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني فيقول: ارفع محمد وقل يسمع واشفع تشفع وسل تعط، قال: فأرفع رأسي فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه فيحد لي حدا فأخرج فأدخلهم الجنة)).

قال: فلا أدري في الثالثة أو الرابعة قال: ((فأقول يا رب، ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن أي وجب عليه الخلود)) وفي رواية البخاري: ثم تلا {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال: ((وهذا المقام المحمود الذي وعده نبيكم)) (٣).

وهذا الحديث يدل على أن النبي (ص) هو الذي خص بمنصب الشفاعة، وكل من آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام يعتذرون عنها، ويحيلونها إلى النبي (ص).


(١) سورة الإسراء: ٧٩.
(٢) تفسير الخازن ١٤٣/ ٤.
(٣) البخاري (٧٤٤٠)، ومسلم (١٩٣).

<<  <   >  >>