للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسعود وجبير بن مطعم النوفلي شهود عيان لهذه المعجزة. وحديث عبد الله بن عباس وأنس بن مالك من مراسيل الصحابة.

وفي رواية عبد الله بن عمر عند مسلم احتمالان، والظن الغالب أنه أيضا من شهود العيان، فقد ورد في نهاية روايته: فقال رسول الله (ص): ((اللهم اشهد)) (١). والقرآن الكريم يصدق هذه المعجزة فيقول:

{اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر} (القمر: ٢، ١).

والعلماء يعلمون أن استعمال ((اقترب)) مكان ((قرب)) لتأكيد الواقعة والمراد بالساعة إما القيامة - وهذه الوقائع من شق القمر وغيره تنبئ عن قرب وقوعها، كما أن الشمس والقمر والنجوم والكواكب والجبال والأرض كلها تتلف - وإما الوقت المحدد الذي كان في علم الله لواقعة شق القمر. وإطلاق هذا المعنى ثبت في القرآن بالآيات التالية: {لم يلبثوا إلا ساعة} {ما لبثوا غير ساعة}. ولكن الساعة وردت في هذه المواضع دون لام التعريف. والمشككون ينتهزون كل فرصة للتشكيك، فقد قالوا هنا: إن القمر لم ينشق في الحقيقة، فقد ورد في رواية أنس قوله: ((أراهم)) وهو يعني أن عيون الكفار رأت القمر فرقتين، ولم يقع ذلك في الحقيقة، وليتهم رأوا في نفس الرواية قبل قوله ((أراهم)) كلمات ((سألوا أن يريهم آية)) هل كان الكفار يريدون بسؤالهم أن يريهم القمر منشقا سواء انشق أم لا؟ كلا، لم يريدوا ذلك، فلفظ ((أراهم)) إخبار عن وقوع ما طلب بقوله ((يريهم)).

والآخرون قالوا: في الآية إخبار عن المستقبل بأن القمر سينشق ولكن ((اقتربت وانشق)) من صيغ الماضي. ثم إن الكفار لما رأوه قالوا: ((سحر مستمر)) فلو كان متعلقا بالمستقبل كيف عبروا بقولهم ((سحر مستمر))؟ ومع التشكيك والإيراد صحت واقعة شق القمر صحة تامة.


(١) توفي عبد الله بن عمر عام ٧٣ هـ وعمره ٨٦ عاما، وهكذا كان عمره وقت الهجرة ١٣ سنة، وكان إسلامه مع أبيه سنة ست من النبوة، وحادث شق القمر وقع سنة تسع من النبوة، وعلى هذا فشهادته شهادة عين.

<<  <   >  >>