لي نورا، وفي لساني نورا، وفي دمي نورا، وفي عصبي نورا، وفي شعري نورا، وفي بشري نورا، اللهم اعطني نورا، اللهم أعظم لي نورا، اللهم اجعلني نورا)) (١).
وقال كعب بن زهير في قصيدته:((بانت سعاد)):
((إن الرسول لنور يستضاء به)).
٤٥ - إنه المدثر، والتدثير هو إصلاح الطائر لعشه. وبيت النبي (ص) يشبه العش بالنسبة إلى منزلته العالية. وإتمام النبي (ص) وإحكامه لهذا العش إنما هو إكمال حاجات العالمين المادية والخلقية والروحية، وقد تم هذا الإكمال بالإنذار والتهليل وبتطهير الخلائق من العلائق المادية والقلبية، ومن أعمال المدثر تطهير العالمين في ظاهرهم وباطنهم من الرجز والرجس.
٤٦ - إنه المزمل، لأن عينه لا تتحمل النظر إلى الوجه الكالح للعالم المظلم، وأذنه لا تستطيع الصبر على كذب وبهتان دنيا الزور، فيلجأ إلى غار حراء يخلو فيه، وهناك تتجلى له الأنوار القدسية حسب فطرته الطاهرة، وتنكشف له مظاهر الملكوت الأعلى، ويمتع الكلام الأزلي سمعه ثم ينكشف سر الترهب والتبتل.
ومعظم الذين سئموا هذا العالم المظلم، اختاروا طريق الفرار منه. فقد فضل أعلام التاريخ من أمثال بوذا وديوجانس وصاحب الفيد بياس وغيرهم هذا الطريق، واعتبر الآلاف من الرهبان والراهبات بنية صادقة الرهبانية وسيلة ناجحة للتخلص من الدنيا الغادرة، وضحى ألوف الدروايش من الصينيين بحياتهم في سبيل هذه الرياضة.
ولكن القدرة الربانية أرشدت ذلك المزمل إلى سر وصفة التبتل فقام طوال يومه يعمل في هداية البشر وحل مشاكلهم، وقضى طوال ليله في التضرع إلى الله ودعائه. قرب إلى أذهان البعض عاقبة آل فرعون، وسهل تبشيره للبعض عبور بحر الهلاك بسلام وعافية. نعم إنه مزمل، لأنه جاء لآل فرعون بعظة مثل موسى، وللمؤمنين بيقين مثل عيسى، ولسيئ العاقبة بهدى محمد (ص).
٤٧ - إنه مشهود، قال القرطبي: إن الأنبياء عليهم السلام شهداء، ومحمد (ص) مشهود، وقوله هذا صواب، فإن كلا من يعقوب وموسى وداود وسليمان وإشعياء