٥٠ - إنه مبارك، ولفظ البركة مشتق من ((برك البعير)) أي جلس يتمكن، هذا هو المعنى اللغوي لهذا اللفظ.
ويتضمن لفظ ((البركة)) معنى الاستقرار والدوام، إنه مبارك فالدين الذي بلغ باق إلى الأبد، وشريعته بعيدة عن النسخ، وهو هادي الجميع إلى يوم القيامة. والإسلام استقر حيث وصل، وجميع البلاد بلاده، وكل موطن في العالم موطنه. وقد أورد حسان بن ثابت هذا الاسم في شعره فقال:
صلى الإله ومن يحف بعرشه ... والطيبون على المبارك أحمد
وقال سيدنا عباس بن مرداس- وكان نصرانيا - في قصيدته التي مدح بها النبي (ص).
ووجهت وجهي نحو مكة قاصدا ... وبايعت بين الأخشبين المباركا
٥١ - إنه مهاجر، والقرآن الكريم مملوء بمدائح الأنصار والمهاجرين وفضائلهم وللمهاجرين فضل خاص على الأنصار فالمهاجرون هم الذين أتموا إقامة النبي (ص) فقد تركوا بيوتهم وأهلهم ووطنهم وديارهم، لكنهم لم يتركوا معية النبي (ص)، وهجرة المهاجرين قبلت عند الله تعالى بهجرة النبي (ص). وهو (ص) مهاجر مثل إبراهيم ولوط وإسماعيل وموسى وهارون عليهم السلام فقد كانوا جميعا مهاجرين. ٥٢ - إنه هاد، وللهداية معنيان:
الأول: إلقاء الهداية في القلب، كما ورد في قوله تعالى:
{إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}(القصص: ٥٦).
والثاني: الدعوة إلى الإيمان واليقين وتدعيم هذه الدعوة بالدلائل والبراهين الروحية أو العقلية وبالأفعال الحميدة والأقوال الحكيمة، وأداء الفريضة دون غرض وطمع وبكل أمانة ونصح. ويتم هذا المعنى بذات النبي (ص) كما ورد في القرآن: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم}(الشورى: ٥٢).
وكان النبي (ص) قد جمع جميع طرق الهداية والدعوة إلى الحق، فكانت طلاقة وجهه (ص) ودماثة خلقه تنسي الأعداء عداوتهم، كما جعل وضوح بيانه وعذوبة لسانه، كلامه يصل إلى أعماق القلوب.
ولم يسلك النبي (ص) في إيراد الأدلة والبراهين مسلك أهل المنطق والفلسفة، ولم