فالزعم أو الوهم بأن أحدا من أفراد الأمة قد تصرف في القرآن زعم خاطيء باطل.
ووهم لا أساس له من الصحة.
التنبؤ الرابع: عن حفظ القرآن.
قال تعالى:{بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم}(العنكبوت: ٤٩).
إن فكرة حفظ الكتاب كله فكرة بديعة، ذلك لأنه لم يحفظ كتاب بكامله قبل القرآن الكريم، فمجرد ظهور هذه الفكرة دليل على كونها إلهاما. وطبقا لهذا التنبؤ يوجد عدد كبير من حفاظ القرآن في كل بلد وإقليم ومديرية ومدينة. وهم يتلون القرآن تلاوة صحيحة وبإتقان ويقين حتى أن الكتابة تصح طبقا لقراءتهم وليس العكس، لم يحتاجوا قط لتصحيح قراءتهم بنسخة مطبوعة أو مخطوطة. ولو شك حافظ في قراءته لرجع إلى حفاظ آخرين لتصحيح قراءته.
وهذا التنبؤ تنبؤ قوي عجز العالم عن الإتيان بنظيره، ونظام الحفظ هذا من عند الله، وليس له مثيل.
التنبؤ الخامس: عن مهولة حفظ القرآن.
قال تعالى:{ولقد يسرنا القرآن للذكر}(القمر: ١٧).
ذكرنا قبلا أن فكرة حفظ الكتاب كله فكرة بديعة. ومن الظاهر أن ألوفا من المسلمين لما أسمعوا القرآن عن ظهر قلب لأمم العالم ظهرت لديهم فكرة تقليد هذا الأمر في كتبهم أيضا فأمامهم نظير لذلك.
لكن لم نجد أحدا من اليهود أو النصارى أو المجوس أو الهنادك حفظ كتاب دينه المختار، وقد أفصح القرآن نفسه عن علة ذلك فقال إن الله تعالى أودع القرآن الكريم ميزة تيسر حفظه.
انظروا فالله تعالى لم يضع هذه الميزة في أي كلام آخر حتى لو كان منزلا من السماء في أي زمان، فكيف يتيسر لأتباع ديانة حفظ كتاب دينهم، وكيف يجرؤ هؤلاء على إسماع كتابهم عن ظهر قلب بصحة وتيقن كما يفعل حفاظ القرآن؟