عثمان واختلافه مع الجمهور: نعم، نحن نعلم المسائل الفقهية التي اختلف فيها الصحابة مع عثمان، مثل إتمام الصلاة في منى، وأكل المحرم من صيد غير المحرم فإذا كان الصحابة قد اختلفوا معه في مثل هذه المسائل الصغيرة وبقوا على اجتهادهم، فكيف يتصور سكوتهم على تغيير يصدر عن سيدنا عثمان رضي الله عنه في القرآن؟
عثمان وخروج أهل مصر: وأكثر من ذلك نرى أن المصريين انتقدوا بعض أفعال الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه، فاتهموه بالإسراف في بيت المال وبإعطائه المناصب أقرباءه، ولهذا ثاروا عليه حتى انتهى الأمر إلى شهادته.
ومع ذلك لم نجد أحدا من المصريين ولا غيرهم يقول كلمة عن جمعه للقرآن.
خلافة علي ومصحف عثمان: ولي علي الخلافة بعد عثمان، وطيلة خلافته لم يغير في ترتيب عثمان للقرآن، ولا قال كلمة في معارضته، بل كان يقرأ دائما من ذلك المصحف في الصلوات وغيرها.
رفع المصحف في صفين: وقعت حرب صفين بين علي ومعاوية، فرفع أهل الشام المصاحف وقالوا: هذا هو الحكم بيننا وبينكم، فلم يقل أحد من أصحاب علي أنه لا يثق بمصحف أهل الشام، مع أن الفريق المحارب لو وجد سعة لكلمة لأبطل حيلة الخصم، ولكن الاتفاق تم على مصحف أهل الشام وانعقد الصلح الموقت بين الفريقين، وتدل هذه الوقائع على أن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه قام بخدمة عظيمة لحفظ القرآن اتفق عليها المسلمون، ولم يشك فيها عالم أو جاهل أو صديق أو عدو، وهذا الاتفاق تحقق للقرآن وحده، فصار خاصية قوية وميزة قوية لحفظ الكتاب المجيد.
التنبؤ ايالث: عن جمع قراءة القرآن. قال الله تعالى:
نزلت أحكام القرآن في أوقات مختلفة، لذلك كان ترتيبه وجمعه أمرا صعبا، ولكن الله رب العالمين تولى هذا الأمر مثلما يتولى كل مؤلف في الدنيا ترتيب كتابه بنفسه، ولذا لم يحصل تقديم ولا تأخير في آية فيما بعد، فأهل العالم جميعا في الشرق والغرب يقرأون القرآن الكريم بنفس الترتيب. واتضح بالتنبؤ المذكور أن صورة الجمع والترتيب الموجودة في جميع أنحاء العالم توافق نفس الترتيب والقراءة الخاصة بالعلم الإلهي والقراءة السماوية.