للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأولين والأنصار والمهاجرين لمن دخل في الإسلام من الناس والبلاد، تدبروا الأمثلة التالية:

إن الإمام أبا عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة صاحب الصحيح الذي يحتل المنزلة الأولى بين الكتب الستة، كان من سكان بخارا، والمغيرة هو أول من دخل في الإسلام من أجداده، والإمام الهمام أبو حنيفة نعمان بن ثابت من أهل فارس، وكان جده قد دخل في الإسلام، ولم يكن سيبويه وأبو علي والزجاج وهم أئمة اللغة والنحو من العرب، ولم يكن إمام اللغة إسماعيل بن محمد الجوهري والأستاذ مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي من سكان الجزيرة العربية، وكان أبو الفرج الذي زادت شهرة مؤلفاته بالعربية من سكان مالطة. وولد ابن خلدون مؤسس فلسفة التاريخ والعمران في تونس - والمؤرخ الشهير برهان الدين من الموصل. وولد المقريزي في بعلبك. والإمام مسلم صاحب الصحيح، والإمام أبو داود صاحب السنن وإن كانا من أصل عربي ولكنهما لم يسكنا الجزيرة العربية.

ويتضح بهذه النظائر أن الإسلام بتعهده للعلم وعنايته به قد فتح من البداية أبواب العلم على جميع الأمم، فافتتحت مدارس العلم من وسط الهند إلى آخر السودان، ومن بلاد خراسان إلى حدود المغرب في خير القرون.

وقد عبر الله تعالى عما تحقق من الشرف والكرامة للأنبياء عليهم السلام على جملة الخلائق عبر عنه بالعلم، فقال تعالى: {يا أبت إني قد جاءني من العلم} (مريم: ٤٣)، وقال تعالى: {ولقد آتينا داود وسليمان علما} (النمل: ١٥). وقال: {وإنه لذو علم لما علمناه} (يوسف: ٦٨). والناس يستشهدون على ثبوت التأكيد لطلب العلم بالمقولة المشهورة: ((اطلبوا العلم ولو في الصين)) وهذه الألفاظ لم تثبت عن النبي (ص) بالسند الصحيح، ولكن القرآن الكريم أورد واقعة موسى عليه السلام، الذي كان من الرسل أولي العزم، وصاحب كتاب، ووصل لتعلم بعض المسائل إلى الخضر عليه السلام، وأبدى رغبته بقوله: {على أن تعلمن مما علمت رشدا} (الكهف: ٦٦).

والله تعالى قدم العلماء أيضا لإثبات دلائل التوحيد، كما أنه أكد هذا الأمر بشهادته وشهادة الملائكة، قال تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم

<<  <   >  >>