للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جديرتان بالرجوع إليهما ثانية وإعادة النظر في محتوى كل منهما:

الف - من إيثار المهاجرين أنهم تركوا الوطن والأهل في سبيل الله ورسوله.

ومن فضائل الأنصار أنهم سبقوا إلى الإيمان قبل الهجرة، وذلك بعد بيعة العقبة.

ب - ومن فضائل المهاجرين أنهم ابتغوا رضوان الله.

ومن فضائل الأنصار أنهم أحبوا المهاجرين وأخلصوا في حبهم هذا على نصرة الله ورسوله وأخلصوا وصدقوا في ذلك.

ومن فضائل الأنصار أنهم آثروا في العسر واستحقوا الفلاح.

وهذه هي الأخوة الإسلامية التي أنشأها الإسلام ونماها وقواها.

وهذا هو الحب الإيماني الذي لم يؤسس على النفع المالي ولا على لذة النفس فهو حب بعيد عن الأغراض وأسمى من الماديات.

وينبغي أن ننظر هنا إلى غزوة أحد حتى نرى زوجة سيد العالمين وأم المؤمنين عائشة تحمل قربة الماء على كتفها وتسقي الغزاة، وتقطر الماء في أفواه الجرحى (١) فهل رأينا مثل

هذا العمل من زوجة ملك في الدنيا؟

استمعوا إلى هذا الصحابي يقول حذيفة العدوي إنه خرج من ميدان اليرموك يبحث عن أخيه الجريح، وكان قد حمل معه الماء فوصل إلى أخيه وبينما هو يسقيه الماء سمع صوت جريح آخر فإذا بأخيه يشير إليه ليسقي هذا الجريح أولا فوصل إليه فوجد أنه هشام ابن العاص رضي الله عنه فبدأ يسقيه الماء لكنه سمع صوت جريح ثالث. فقال له هشام اسقيه أولا، فلما وصل إليه وجده فارق الحياة فعاد إلى هشام فوجده قد انتقل إلى الرفيق الأعلى فرجع إلى أخيه فوجده قد فارق الحياة أيضا.

إننا لن نرى هذا الإيثار إلا في الإسلام، حيث يقدم الإنسان أخاه على نفسه في ساحة الحرب وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة.

ولم تنحصر مثل هذه الوقائع في العهد النبوي، بل وجدت في عصور أخرى أيضا، فقد ذكر أن الزهراء جارية خليفة الأندلس، وهي التي سمى باسمها قصر الزهراء،


(١) البخاري (٧٨/ ٦ - الجهاد).

<<  <   >  >>