١٢ - الخلاف الشديد بين فرق النصارى الثلاث من الكاثوليكية واليعقوبية والبولوسية، والإضرار بالعرب فى نشر هذا الخلاف وتوسيعه. فهذه هي الأمور التي تدخل ضمن قوله تعالى:{كنتم أعداء}.
ثم انتهاء هذه الخلافات والمنازعات، وانعدام الحروب، وذهاب الحقد وروح الانتقام، واستقرار الأمن والسلام، وتوحد أهل الجزيرة واتفاقهم على كلمة واحدة واتجاه واحد وعقيدة واحدة وهدف واحد وإله واحد، وتحول الظالمين إلى أهل عدل محافظين على الأموال والأنفس، وتحول الأعداء الألداء إلى أخوة متحابين بالإيمان، كل ذلك من النعم التي ذكرها الله تعالى في القرآن ومن بها على عباده، وهي أيضا دليل على شرف الإسلام وفضله.
وقد أثنى الله تعالى على طرفي هذه المؤاخاة فقال عن المهاجرين:
{الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون}(الحشر: ٨).
دلت هذه الآية على كون المهاجرين مظلومين أخرجوا من ديارهم وأموالهم، وثباتهم مع ذلك ثم ابتغاءهم فضل ربهم، واستمرارهم في نصر الله ورسوله مع تجردهم من جميع وسائل العيش. ثم بينت الآية على سبيل الحصر أن هؤلاء هم الصادقون. وفي موضع آخر أمر الله تعالى العالمين جميعا بقوله:
{وكونوا مع الصادقين}(التوبة: ١١٩).
وقد تم تحديد الصادقين والتعريف بهم في الآية السابقة.
وقال عن الأنصار في نفس الموضع:
{والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه
فأولئك هم المفلحون} (الحشر: ٩).
ذكرت الآية السابقة قيام دار الهجرة وعراقة الإيمان وحب المهاجرين، ووصفت الأنصار بالاستغناء عن القلة والكثرة في العطية وبالإيثار في الشدة والعسر. والآيتان