ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} (المائدة: ٨).
٦ - {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بضعنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون}(آل عمران: ٦٤).
٧ - {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي}(البقرة: ٢٥٦).
هذه هي بعض آيات القرآن، فهل يستطيع أحد أن يقدم من كتاب مقدس آخر مثل هذه التوجيهات؟ إن نماذج التسامح وصور الحياد التي برزت في عصر النبوة وخلفائه الراشدين والملوك العظام، لا تزال موجودة في الكتب الإسلامية.
والحلف الذي عقده النبي (ص) مع اليهود بعد الوصول إلى المدينة جدير بالنظر والتفكير، مع ملاحظة أن اليهود لم يروا إحسانا قط من حكومة بابل الوثنية، ولا رحمة من حكومة مصر، ولا رعاية أمة المسيح الذي نشأ في نسل يهوداه.
ومعاهدة النبي (ص) مع النصارى تستحق أيضا التفكير، وقد ذكرناها في البداية من هذا الكتاب، وهي دليل قوي واضح على حياد الإسلام ورسوله (ص) وعلى التسامح، ومن أدلة التسامح والحياد موقف أهل السلطة في عهد بني أمية وبني العباس والأندلسيين والفاطميين من الأمم الأخرى التي تمتعت بكافة الحقوق والحريات، وكذلك تمتع اليهود والنصارى في تلك العصور بالمناصب المهمة دون تفريق.
ثم انظروا إلى الهند، كانت كلمة ((آريا)) تطلق على الأمم العالية على أنها أعلى نسبا من غيرها، ولكن المساحة التي خصصت في كتاب ((ستيارته بر كاش)) ل ((آريه ورت)) (١) لم تدخل فيها منطقة مدراس والبنغال والولايات الواقعة في الشمال الغربي، وكذلك خرجت منها معظم مناطق ولاية بيهار. وقد حرم هذا التصنيف ملايين الناس لقب ((الأمة الكريمة)) أو ((الآريا)) ومن كرم المسلمين أنهم اعتبروا نهر اندو (اتك) حدا طبيعيا، ولقبوا من يسكن وراءه ب ((هندو)) وقد انضوى تحت هذا اللقب جميع الأمم التي سكنت هذه المنطقة، وهكذا تحقق بينهم الاجتماع، ولم تكن هناك حاجة إلى تسمية أحد باسم وضيع.
(١) ستيار ته بر كاش (٣٥٦)، معنى آرياورت: العالم الذي كان يحكمه قوم آريا من الهنادكة.