ولما تم تعامل المسلمين مع سكان هذه البلاد لقبوهم ب ((لاله)) ومعناه الأخ الكبير، ولا تزال هذه الكلمة تستعمل في نفس المعنى في ولاية سرحد ((الثغور)) وهناك قرية ومحطة سكة الحديد تسميان ((لاله موسى)) وهو اسم وجيه مسلم في هذه المنطقة.
لقد اتهم أورنكزيب بالتعصب، ولكن قائمة أسماء رجال بلاطه الهنادكة تضم عددا أكثر مما تضم قائمة أسماء رجال بلاط أكبر الذي اتفق الناس على تسامحه وحياده، ولم يضم أورنكزيب ولاية (راجبوتانه) الهندوكية إلى مملكته، حينما فتح أربع ولايات مسلمة في منطقة الدكن وضمها إلى مملكته، وكذلك لم يتدخل في عادة حرق الزوجة نفسها مع جثة زوجها، وعادة الزواج في سن مبكرة، ولم يزل عدد السكان الهنادكة حول عاصمتي آكره ودهلى أكثر من عدد السكان المسلمين.
وانظروا إلى الألقاب التي منحت للحكام (راجا) الهنادكة، أنها ألقاب عظيمة، وقد خصصت لهم أيضا قطعة أرض مع كل لقب، وينبغي من ناحية أخرى أن ننظر إلى معاملة الهنادكة للمسلمين أيضا، فقد اعتبروا المسلمين دائما منبوذين، ولكن المسلمين لم يعتبروا أحدا منبوذا، وتركوا التجارة للهنادكة، وأقطعوا الأراضي للمعابد الوثنية والملاجئ، وأنشأوا المساكن للفقراء والبائسين، وأنهم آثروا أرض الهند فجعلوها ملاذ حياتهم ومماتهم على موطنهم الأصلي واختاروا لغة هذه البلاد وفضلوها على لغتهم الأم وجعلوها لغة البلاط والقصور.
فهل يسع معترضا أن يقدم بقوله وفعله نماذج للتسامح وعدم التعصب أكثر وأقوى مما ذكرنا؟
إن التجارة الخارجية كانت بأيدي العرب وأهل الصين، ولما تقدمت الأمم الأوربية إلى الهند رحب بهم ووضعت الضريبة الجمركية عن بضائعهم، ولذا صرح علماء السياسة المعاصرة بأن تسامح المسلمين وعدم تعصبهم هو الذي أدى إلى انتهاء سيطرتهم وزوال ملكهم.
وقد يتحمل مسلم سمح هذا الاعتراض، ولكنه لا يسلم بأن الإسلام يدعو إلى التعصب.
ولعل أحدا يقرأ هذه السطور فيشير إلى غزوات الإسلام وسراياه وإلى حروب العرب ويجعلها علامة للتعصب الديني. ولكن الحقيقة أن مثل هذا الزعم مبني على جهل