قال مالك: لا بأس بالجعائل في الثغور، يجعل القاعد للخارج، مضى النَّاس على ذلك، إن كانا من أهل ديوان واحد؛ لأنّ عليهم سد الثغور، وقد أدى القاعد إلى الخارج مائة دينار في أيّام عمر -رضي الله عنه -.
وأصحاب أبي حنيفة يكرهون ذلك ما كان بالمسلمين قوة، أو في بيت المال ما بقي بذلك، فإن لم يكن بهم قوة ولا مال، فلا بأس أن يجهز بعضهم بعضًا، ويجعل القاعد للشاخص.
وحاصل مذهبهم في ذلك: أن الجعالة له تكره إذا كانت على وجه البدل في الغزو في جميع الأحوال، وإذا كانت على جهة المعونة لم يكره.
وهذا ينبغي أن لا يكون فيه خلاف.
وقال الشّافعيّ: لا تصح النِّيابة في الجهاد أصلًا، بعوض ولا بغير عوض، فإن تطوع على إنسان وقع الجهاد عن نفسه.
وهذا أيضًا ينبغي أن لا يكون فيه خلاف.
قال: وإن جاهد بعقد [الجعالة] لم يصح، وكأنّه قال: إن جاهدت ذلك علي كذا وكذا، فإن جاهد لم يستحق عليه شيئًا. وهو موضع الخلاف.
[٤٦٥ - مسألة]
[قال مالك]: ويسهم للتاجر والأجير إذا قاتلوا، وهذا ينبغي أن يفصّل:
فإن كان التاجر نوى الجهاد مع التجارة، أسهم له إذا حضر الوقعة قاتل أم لا، ولا أعلم فيه اختلافًا، وهو كالحاج ينوي التجارة، يسقط عنه الفرض وله الثّواب، قال الله تعالى:{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ}[الحجِّ: ٢٨]، وقال [ابن عبّاس رضي الله عنهما]: المنافع: التجارة والربح. وقيل: الثّواب.
وإن قصد التجارة لا غير إِلَّا أنّه حضر، فإن قاتل أسهم له، وإن لم