إذا توضأ ونوى بوضوئه [أن يصلّي] صلاة بعينها؛ فرضًا أو نافلة أو مس مصحف أو صلاة على جنازة، [فإن حدثه يرتفع، و] جاز له أن يصلّي به سائر الصلوات، وبه قال أبو حنيفة والشّافعيّ.
وحكي عن داود قال: لا يصلّي به إِلَّا ما نواه من الصلوات بوضوئه ذلك.
وإن قصد استباحة صلاة بعينها دون غيرها، فروي عن أصحاب الشّافعيّ: فيه ثلاث أوجه:
أجودها: أن حدثه يرتفع ويستبيح به غيرها من الصلوات؛ لأنّ الحدث قد ارتفع، وإذا ارتفع لصلاة ارتفع لغيرها.
والثّاني: لا يرتفع حدثه، ولا تصح به صلاة المعيّنة ولا غيرها؛ لأنّه نفى استباحة غيرها، والحدث إذا لم يرتفع لصلاة لم يرتفع لجميع الصلوات، فلا يتبعّض.
والثّالث: قول بعضهم: تصح به الصّلاة المعيّنة دون غيرها؛ لأنّه لو لم ينو رفع الحدث لم يجز له أن يصلّي، ولو نوى رفع حدث مطلقًا جاز له، فإذا نوى صلاة بعينها فتصح [٥/ ب] هي دون غيرها؛ لأنّه نواها، وهذا أضعف الوجوه.
قال القاضي: هذا عندي يتخرج على القولين لمالك فيمن اعتقد رفع النية بعد الطّهارة، فروي عنه أن الطّهارة باقية، وروي عنه أنّها ترتفع.
فإن قلنا: لا ترتفع بالرفع، فيصلّي ما نواه والصلاة الثّانية الّتي اعتقد رفع النية الوضوء عنها؛ إذ لا ترتفع.
وإن قلنا: إنها ترتفع صلَّى الصّلاة الّتي نواها، ويبطل ما سواها (١)؛
(١) في الأصل: "نواها". وهو تحريف؛ لأنّه يناقض الجملة الّتي قبلها والتي بعدها. وفي (ط): "عداها"، وفي (ص) (٢/ ٩٩٨): "وبطلت بعد ذلك: فلا يصلّي بها صلاة أخرى".