وقال أبو حنيفة: للشفيع الأخذ بالشُّفعَةِ، كما قال المزني وبعض أصحاب الشّافعيّ.
[١٣٨٣ - مسألة]
إذا كانت دار بين ثلاثة شركاء، فاشترى أحدهم نصيب بعض شركائه، فإن شريكه يقاسمه فيه على قدر ملكهما, وليس للذي لم يبع ولم يشتر أن يأخذ الجميع من المشتري؛ لأنّ المشتري قد ساواه بملكه القديم معه، وبه قال أبو حنيفة.
واختلف قول أصحاب الشّافعيّ، فقال بعضهم كقولنا، وقال آخرون: لا شيء للمشتري، ويأخذ الشفيع الّذي لم يبع جميعه بالشُّفعَةِ، قالوا: لأنّ الشفيع إنّما يستحق الشُّفعة لنفسه على غيره، فلو جعلنا للمشتري شيئًا؛ لكان شافعًا من نفسه لنفسه، والإنسان لا يستحق شيئًا على نفسه.
ولأنّه لو كانت دار بين رجلين، فباع أحدهما نصيبه من الآخر، ثمّ قال المشتري: أنا لا أختار أخذ المبيع بالشراء، وإنّما آخذه بالشُّفعَةِ، لم يكن له ذلك؛ لأنّه قد اشترى لنفسه، فأخذه بالشُّفعَةِ أخذ عن نفسه. وهذا باطل.
والدّليل لمالك قول النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "الشُّفْعَةُ للشَّريكِ الذِي لمْ يُقاسِمْ"(١).
ولم يفرق بين أن يكون مشتريًا أو غيره.
وأيضًا: فإن الشريك قد ساوى شريكه الّذي لم يبع في شركته شائعًا، فوجب أن يساويه في استحقاق الشُّفعة، ولا يجوز أن يكون شراؤه مسقطًا لحقه؛ لأنّه إلى التأكيد أقرب؛ لأنّ الشراء موجب الملك، وأخذه له بالشُّفعَةِ تقرير للملك الموجب بالشراء.
(١) من الأحاديث الشائعة في كتب الفقهاء، قال الزيلعي عنه: غريب. انظر: نصب الراية: ٤/ ١٧٢. وقال ابن حجر: لم أجده هكذا. انظر: الدراية في تخريج أحاديث الهداية: ٢/ ٢٠٢. وإنّما أخرجه مسلم (١٦٠٨)، عن جابر رضي الله عنه أن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قضى بالشُّفعَةِ في كلّ شركة لم تقسم.