الحمد لله رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، أحمده سبحانه على نعمه الوافرة، وأشكره على ما اختصنا به من الشريعة الفاضلة، المتضمّنة سعادة الدنيا والآخرة.
وأصلّي وأسلّم على سيد الأنبياء وإمام الأتقياء، ومعلّم النّاس الخير، وعلى آله الطيّبين الطاهرين، وصحبه النجوم المجتهدين، ومن اهتدى بهديهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإنّ مذهب الإِمام مالك بن أنس - رحمه الله - من أكثر المذاهب الفقهية ثراءً وتنوّعًا، فقد تعدّدت مدارسه، وتنوعت خصائص كلٍّ منها، ضمن الإطار العام للمذهب؛ فتفنّنت في طردتى التدريس والتعليم، وأنواع التأليف والتصنيف، وهذا ما يتناسب مع مواهب مؤسّسه الأوّل إمام دار الهجرة؛ فهو مفتي أهل المدينة، وفقيه أهل الأثر، ومحدّث أهل السنّة.
وأشهر هذه المدارس: مدرسة المدينة المنوّرة، ومدرسة مصر، ومدرسة العراق، ومدرسة المغرب (القيروان وفاس والأندلس).
وقد شكّلت هذه المدارس بدورها، طريقتين متمايزتين في التأليف