من الأوراق الأخيرة. وعندما أعاد النظر في هذه الظواهر المتجمعة عنده. وجد أنه يجمل به أن يجري شيئا من التغيير في ترتيب هذه الظواهر، لأن بعضها يتصل بظواهر بعيدة عنه. فأشار الى الموضع الذي يراه أهلا لهذه الظواهر.
فقال على رأس «مقدمة الحروف»: «تؤخذ في أولها لا هنا» أي توضع في صدر الحديث عن ابدال الحروف. وقال في الامالة:«اذكر الامالة مع الحركات». وفي النحت:«يذكر بعد الاتباع». وفي مذهب العامة في التعريب:«يؤخذ بعد الحروف الفرعية والحركات». وفي النعت:«يقدم على التوكيد». وفي أسماء الشهور والأيام:«الأولى ذكر هذا الفصل بعد العلم أو يذكر مع ظرف الزمان والمكان». وفي الرباعي المجرد من الأفعال:«يقدم على المزيد فيه».
ولم يكتف بهذه الاشارات الخارجية بل علل وضعه بعض الظواهر في موضعها، في أول حديثه عنها. قال في صدر تناوله للقلب المكاني:«وقد آثرنا ذكره بعد الحروف لأنه تغيير في الكلمة بتقديم بعض حروفها وتأخير بعضها». وكذا فعل في الاشباع والقصر والمزاوجة والاتباع.
ولكن اشاراته تركت بعض الظواهر غير محددة الموضع. فوجب على أن أبت أنا فيها. ففعلت مهتديا بموضعها في الكراس، وبالظاهرة التي تقترب منها. كذلك اضطررت الى ترتيب الألفاظ في المعجم، معتمدا على الأسس التي وضعها لترتيبها.
ووجدت بعض العناوين لم يسجل تحتها شيئا، فاحتفظت بها، لتبين أنها واحدة من الظواهر العامية وان لم يكتب عنها شيئا. وهي - لحسن الحظ - قليلة كل القلة، تتمثل في الرباعي المجرد، والمصدر، والمرة والهيئة، والمصدر الميمي.
وبالرغم من ذلك، فالمشلكة الكبرى كانت في المادة المسجلة تحت العناوين، وخاصة في القواعد. فان المغفور له أحمد تيمور كان يطالع الكتاب، ويلتقط منه النصوص المتصلة بالعامية، ويوزعها على الظواهر التي تعالجها، ويثبتها فور عثوره عليها. فعل ذلك في كتاب بعد كتاب مما قرأ، فخلت مدوناته من كل ترتيب، لأن القاعدة الواحدة يكتب عنها مرة واثنتين وثلاثا، في الموضع الواحد، والاثنين والثلاثة .. الخ، تقاربت هذه المواضع أو تباعدت. وقد يفطن القارئ أن المواد المدونة ترد حسب موضعها من مصادرها الأصلية، ولكن الكاتب - فيما أظن - لم يلتزم ترتيب الأجزاء في الكتب التي قرأها، وقرأ الكتاب الواحد أكثر من