جماعة من الماورين اليمنيين بالأزهر. فكانوا يشربونها في رواقهم مع الساكنين معهم من أهل الحرمين الشريفين.
ولما عرف أهل الأزهر - ولا سيما الصوفية منهم وهم المشتغلون بالأوراد والأذكار - أن هذا الشراب مُذهب للنعاس والكسل, تهافتوا على رواق اليمنيين ليشربوا القهوة معهم.
وكانت القهوة تطبخ لهم في ماجور من الفخار, وتوزع عليهم بسكرجة صغيرة يغترف بها النقيب من الماجور, ويسقيهم بترتيب لطيف مبتدئا من الأيمن فالأيمن, وهم يذكرون ذكرهم المعتاد, وكان في الغالب «لا إله إلا الله الملك الحق المبين». وكانوا يقيمون هذا المجلس مرتين في كل أسبوع ليلتي الاثنين والجمعة, والناس والعلماء يشربون القهوة معهم موافقة لهم حتى أصبح شربها عادة عندهم.
ولما تفشت هذه العادة عند أهل الأزهر ومحبيهم وتأصل في طبعهم شرب القهوة, أنشأ أهل حارة الأزهر أماكن لبيعها. وكان الناس يقصدونها من كل فج ويجتمعون فيها لشرب القهوة ولعب الشطرنج والمنقلة.
واعتبرت الحكومة في ذلك الحين أن القهوة نوع من الخمر. وأفتى بتحريمها الشيخ عبد الحق السنباطي صاحب المسجد المعروف باسمه بدرب عبد الحق بجهة الأزبكية, بناء على شهادة طبيبين أعجميين قدما من الحجاز إلى مصر. فأغلقت الحكومة القهوات, وحرقت ما فيها من البن, كما تفعل مصلحة خفر السواحل الآن في حرق الحشيش.