للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا أخرى. وأما المؤمن الذي امتلأ قلبه بالإيمان، حيث عجز عن قيام الأدلة على التوحيد، وقلد العارف فيه فليس من هذا القبيل، بل هو مؤمن جزمًا لأنه ليس عنده ظن بل جزم مطابق للواقع. وربما إن دام على الصدق ومتابعة من يقلده يرتقى في التوحيد إلى مقام أعلى وأجل من مقام من قلده. وأما القول بأنه كافر فإنما يعرف لأبى هاشم الجبائى من المعتزلة فلا يعول عليه". (١)

ومع هذا فإنه يرى أن من ترك النظر مع القدرة عليه يكون آثمًا، يقول: "وحاصل ما انحط عليه كلام الأشياخ أن من عرف الله بالدليل ولو جمليًا، ولو لم يكن باصطلاح أهل الكلام، فهو مؤمن اتفاقًا، ومن عرفه بلا دليل أصلًا بل بالتقليد، ففيه ستة أقوال:

- الأول لأبى هاشم الجبائى، رئيس المعتزلة. ونقله عن أهل السنة كذب. إذ إيمانه غير صحيح في الآخرة، وأما في الدنيا فاتفقوا على إيمانه، لقوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: ٩٤].

- الثاني هو صحيح، إلا أنه عاصٍ لترك النظر مطلقًا، كان فيه أهلية للنظر أم لا.

- الثالث هو صحيح إلا أنه عاصٍ بترك النظر، إن كان فيه أهلية للنظر وكان متمكنًا من المعرفة إلى أن قال: "والحق الذي عليه المعول أنه مؤمن عاصٍ بترك النظر، إن كان فيه أهلية". (٢)

- ويبين الصاوى مراتب العلم وما هي المرتبة التي لا بد من تحققها حتى تتم المعرفة لدى المؤمن، لينجو بها من التقليد الذي كثر الكلام في التحذير منه، يقول: "واعلم أن العلم مراتب: الأولى العلم بالدليل ولو جمليًا، ويسمى علم يقين وهذا هو المطلوب في التوحيد الذي يخرج به المكلف من ورطة التقليد وهو الجزم من غير دليل وفيه خلاف.


(١) الحاشية على الجلالين: (٢/ ١٧٦).
(٢) حاشية جوهرة التوحيد: ١٣.

<<  <   >  >>