للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[(المبحث الثالث): الحالة العلمية والدينية]

إن المطلع على السجل التاريخى للأمة الإسلامية في عصورها الأخيرة، ليرمق بعين الأسى أحداثًا جسامًا نخرت في عضدها وأوهنت من قوتها، فجعلت منها أشلاء ممزقة صارت بها عرضة للتيارات الفكرية الوافدة بالإلحاد وألوان الكفر والفساد من شرق الدنيا وغربها.

وعند البحث عن أسباب ذلك الوهن والتفتت الذي حل بالأمة يجد أن له أسبابًا عديدة؛ كان من أعظمها خطرًا وأشدها ضررًا ضعف العقيدة الإسلامية في قلوب كثير من المسلمين، وقد كان لذلك الضعف مظاهر عدة، فبروز الأضرحة، والتوسل بالصالحين، كل ذلك كان من أهم أسباب انطماس معالم التوحيد الحق الذي جاء به الرسل والأنبياء.

ولم يكن ذلك هو المظهر الأوحد لضعف العقيدة، فانحلال عرى الولاء والبراء مما عمت به البلوى وإن كان في حقيقته فرع استمد بقاءه من الغبش الذي سيطر على نفوس المسلمين؛ بسبب انطماس حقيقة التوحيد في ذلك الوقت.

لقد كانت دعوة الرسل والأنبياء هي عبادة الله وحده لا شريك له، بكل ما تعنيه كلمة العبادة من شمولية في المنهج المستمد من الوحى المطهر، والذي يحمل العبد على إفراد الله تعالى بأفعال العباد، كما يحمله على إفراده بأفعال الربوبية التي لا تنبغى إلا لجلاله وعظيم سلطانه، فيجعل من أعماله دليلًا على صدق توجهه لربه، وعليه فأى خلل في الأفعال ينم عن اضطراب في المعتقد التوحيدى يعد من ألوان الشرك التي يخرج بها العبد من الملة.

وسأعرض لكل من هذه المظاهر صورًا عمت بها البلوى في تلك الآونة، مبتدئة بتفريط الحكام في هذا الباب، ففى عهد إبراهيم بك أحد زعماء المماليك وشيخ

<<  <   >  >>