للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: فيها هدى: أيي لمن أراد الله هدايته، وأما من أراد الله شقوته فلا تنفعه التوراة ولا غيرها.

قوله: ونور: في الكلام استعارة مصرحة حيث شبهت الأحكام بالنور بجامع الاهتداء في كل واستعير اسم المشبه به للمشبه، وحيث أريد بالنور الأحكام، فالمراد بالهدى التوحيد فالعطف مغاير.

قوله: يحكم بها النبيون: كلام مستأنف لبيان المنتفع بالتوراة وهم الأنبياء والعلماء، والمراد بالأنبياء ما يشمل المرسلين، فحكم المرسلين ظاهر، وحكم الأنبياء بالقضاء بها لا على أنها شرع لهم (١).

قوله: الذين أسلموا: أي كمل إسلامهم، وهو وصف كاشف؛ لأن كل نبي منقاد لله، وحكمة الوصف بذلك التعريض باليهود حيث افتخروا بأصولهم ولم يسلموا، بل حرفوا التوراة وبدلوها".

[كلامه في الإنجيل]

- يقول في وصف ما احتواه هذا الكتاب العظيم الذي أنزل على عيسى - عليه السلام - من الهدى والنور عند تفسير قوله تعالى: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} (المائدة: ٤٦): "وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور: المراد بالهدى التوحيد وبالنور الأحكام فالعطف مغاير.

قوله: مصدقًا بين يديه: أي معترفًا بأنها من عند الله وإن نسخت أحكامها؛ لأن الله سبحانه وتعالى كلف كل عصر بأحكام تناسبها، فالنسخ في الأحكام الفرعية لا الأصول كالتوحيد فلا نسخ فيه، بل ما كان عليه آدم من التوحيد هو ما عليه باقي الأنبياء.


(١) قد تقدم بيان الحق في هذه المسألة، بأن النبي مأمور بالشرع ظاهرًا وباطنًا كما أنه مأمور بتبليغه، انظر: مبحث العلاقة بين النبي والرسول: ٤٠٢.

<<  <   >  >>