للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفى المقابل نجده يحرج كثيرًا على من اعتقد في الأولياء الضر أو النفع على جهة الاستقلال، يقول في تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ٦٤]

"هذه الآية وإن كانت خطابًا لليهود والنصارى، إلا أنها تجر بذيلها على من يشرك بالله غيره من المسلمين، كضعفاء الإيمان الذين يعتقدون في الأولياء أنهم يضرون وينفعون بذواتهم ويحلون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله، ومع ذلك يحدثون بدعًا عظيمة ما أنزل الله بها من سلطان، ويجعلون تلك البدع طرقًا لهؤلاء الأولياء، ويزعمون أنها منجية وإن كانت مخالفة للشرع، ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون". (١)

* * *

[المناقشة]

لا شك أن في تفسير المتكلمين للشهادة على النحو الذي ذهبوا إليه مخالفة جلية لحقيقة التوحيد الذي دعا إليه الرسل بقولهم: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، إذ يلزم من كون الشهادة مفتاح الدين، وأساسه المتين أن تدل على المعتقد الذي تكون النجاة به بالمطابقة، وهو: إفراد الله تعالى بالعبادة، لذلك كان تفسير الشهادة الصحيح هو: لا معبود بحق إلا الله. ويستند هذا التفسير إلى دلالة اللغة العربية التي نزل بها القرآن، فإن كلمة إله مأخوذة من التأله، والتأله في لغة العرب معناه: التنسك والتعبد. (٢) يشهد له قراءة ابن عباس - رضي الله عنهما -: {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} [الأعراف: ١٢٧]، قال: "وعبادتك". (٣)


(١) المرجع السابق: (١/ ١٥٠).
(٢) انظر: لسان العرب: ١٣/ ٤٦٩.
(٣) أخرجه ابن جرير في جامع البيان: (١/ ٥٤).

<<  <   >  >>