للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحتى ينتظم أمر الأمة ويتحقق المطلوب من الإمامة، يرى أنه: لا يجوز تعدد الخليفة".

وعليه فإن الواجب اتجاه كل من سولت له نفسه الخروج على الإمام هو القتال، يقول: "ومن خرج وجب قتاله".

ويستثنى من هذا الحكم وجود الحاجة لتعدد الإمام، كاتساع الأقطار، مثلًا، يقول: "إلا إذا اتسعت الأقطار، وبعدت جدًا فيجوز التعدد، لوجوب طاعته على سائر الرعايا ظاهرًا وباطنًا، لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩]

ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من أطاع أميرى؛ فقد أطاعنى، ومن عصى أميرى؛ فقد عصانى).

ومع تقريريه لوجوب طاعة وامتثال أمر الوالى إلا أنه يرى عدم إطلاق الحكم بذلك عند وجود الموانع، يقول: "إلا إذا وقع منه الكفر، وأمر به فلا تجوز طاعته". وبهذا يرى أنه "إذا ولى مستكملًا للشروط فزال وصف العدالة منه بأن طرأ عليه الفسق؛ فلا يعزل، وأما طروء الكفر؛ فيعزل". (١)

* * *

[تعليق]

أولًا: حكم تنصيب الوالي:

بين الصاوي أن حكم تنصيب الإمام واجب على الأمة وجوبًا كفائيًا بالشرع، وقد وافق بذلك ما أجمع عليه أهل العلم، ومستند هذا الوجوب المجمع عليه من جهة الشرع ما يترتب على تنصيبه من مصالح عميمة، يستقر بها أمر الأمة في الدين والدنيا، يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله - في هذا المعنى: "اعلم أن الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - أجمعوا على أن نصب الإمام بعد انقراض زمن النبوة واجب، بل جعلوه أهم الواجبات، حيث اشتغلوا به عن دفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.


(١) حاشية الجوهرة: ٦٨.

<<  <   >  >>