للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النتيجة هذا العالم لا بد له من محدث.

وتستند المقدمة الأولى في إثبات حدوث العالم، إلى تقسيمه لجواهر (١) وأعراض، وأن العرض حادث، ولا يمكن انفصال الجوهر عنه، فصار بذلك حادثًا مثله. (٢)

أما المقدمة الثانية فتستند إلى امتناع التسلسل في الحوادث، وأنه لا بد من رجوع إلى واجب الوجود، يستحيل عليه العدم. (٣)

وهذا الرازي يعرض الدليل كأسلافه من المعتزلة، ويقول: والأكوان حادثة؛ لأن كل كون فإنه يصح عليه العدم، وكل ما صح عليه العدم امتنع عليه القدم، ومما امتنع عليه القدم فهو حادث، فثبت أن الجسم لا يخلو عن الحوادث، وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث، إذن الجسم حادث". (٤)

ويصل بذلك إلى إثبات احتياج هذه الحوادث لمحدث أحدثها، هو واجب الوجود؛ لامتناع التسلسل بين الحوادث، فيقول: "إنه لما ثبت أن العالم ما كان موجودًا ثم كان موجودًا، فحقيقة العالم قابلة للعدم وقابلة للوجود وكلما كان كذلك فرجحان وجوده على عدمه؛ لأجل ترجيح مرجح، فثبت أن وجود العالم محتاج إلى الموجد المؤثر". (٥)

[رأي الشيخ الصاوي]

تتعدد عبارات الصاوى في الاستدلال بدليل الحدوث على إثبات الباري تعالى، وكلها تدور في إطار المعانى السابقة، حيث يقول: "العالم حادث، وكل حادث له محدث".


(١) الجوهر هو: [الموجود لا في موضوع بمعنى أن ماهيته إذا وجدت كانت لا في موضوع] المباحث المشرقية: (١/ ١٣٨).
(٢) المواقف للإيجى: ٢٤٥.
(٣) انظر: المرجع السابق: ٢٦٦، والإرشاد للجوينى: ٢٨، ٢٩.
(٤) نهاية العقول: ٢٣/ أ.
(٥) المطالب العالية: (١/ ٢١٣).

<<  <   >  >>