للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثًا: الصفة النفسية

يراد بالصفة النفسية عند المتكلمين: "كل صفة إثبات للنفس، لازمة ما بقيت النفس، غير معللة بعلل قائمة بالموصوف".

مثال ذلك: أن كون الجوهر متحيزًا هو: صفة إثبات لازمة للجوهر ما استمرت نفسه، وهى غير معللة بزائد على الجوهر، فكانت من صفات النفس.

إذًا فالصفة النفسية هي التي لا تقدر الذات موجودة ألا بها بحيث يمتنع تصورها بدون اعتبارها.

وقد أراد المتكلمون بهذه الصفة صفة الوجود لله تعالى، ولكن على اختلاف بينهم في عدها من الصفات، يقول الجويني: "والوجه المرضى أن لا يعد الوجود من الصفات فإن الوجود نفس الذات" (١).

وللمتكلمين في منع كونها من الصفات أدلة عقلية منها ما ذكره الجويني في أن عدها من الصفات يؤدى إلى التسلسل الممتنع، يقول: "قيام الصفة الثبوتية بالشيء فرع وجوده في نفسه ضرورة، فلو كان الوجود صفة قائمة بالماهية؛ لزم أن يكون قبل الوجود لها وجود، ويلزم تقدم الشيء على نفسه، ويعود في ذلك الوجود ويتسلسل" (٢).

* * *

رأي الشيخ الصاوي:

يرى الصاوي أن الصفة النفسية من الصفات الثبوتية؛ لأنها تعنى اتصافه تعالى بالوجود، ولكنها مع ذلك "أمر اعتبارى يعتبره الشخص ذهنًا فقط" فهى لا تثبت معنى خارجًا عن الذات، بل كل ما تثبته معنى في الذهن واللفظ فقط؛ إذ لا يمكن تقدير ذات ألا وهى متصفة بالوجود، ولا دلالة لها على غير ذلك. (٣)


(١) الإرشاد: ٣١.
(٢) المواقف للجوينى: ٤٨.
(٣) انظر: حاشية الخريدة البهية: ٥٨ - ٥٩. وحاشية جوهرة التوحيد: ١٨.

<<  <   >  >>