للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[زمن الولاية]

- ومما أتم به الحديث عن الولاية: فترتها الزمنية الممكنة، حيث بين أن الولاية باقية ببقاء القرآن وتختتم برفعة وبموت عيسى، ويعلل ذلك بقوله: "لأنه ما دام المتذكرون للقرآن المعتبرون به فهو باقٍ، فعلامة انعدام الأولياء رفع القرآن".

وبهذا تبين أن كل ما يحدث في خلال هذه المدة، مما قد يظن في ظاهره انعدام وجود الولي، كنزول البلايا وحلول الفتن، فلا يعد في حقيقته مانعًا لوجود الأولياء، يقول: "ونزول البلايا ليس دليلًا على عدم وجود الأولياء، فإن البلايا كانت تنزل في زمن الأنبياء، وفي الحديث: "يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: (نعم، إذا كثر الخبث) (١) " (٢).

[المناقشة]

[حقيقة الولاية]

عند سبر أقوال الصاوي في هذا المبحث، يظهر جليًا موقفه المعتدل مقارنة بما سبق بيانه من الاتجاهات الصوفية الغالية، فالصاوي يرى وجوب التمسك بالشرع، ببيان أن الاستقامة هي طريق الولاية الأوحد، فالتقوى والإيمان هي من أهم صفات الولي كما أشار إلى ذلك في تفسير قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.

فحقيقة الولاية؛ كما تقدم هي متابعة المولى تعالى في أمره ونهيه، حتى يكون موافقًا له في مراده المحبوب، وهذا هو مقتضى الإيمان الشرعي الذي يحمل على التزام التقوى ومجانبة الهوي، وعليه فإن المقياس الصحيح في ثبوت وصف الولاية للمعين هو المتابعة التامة للمأمور الشرعي "إذ الولي لا يكون وليًا لله إلا بمتابعة الرسول باطنًا وظاهرًا فعلى قدر المتابعة للرسول يكون قدر الولاية" (٣).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الأنبياء - باب قصة يأجوج ومأجوج، رقم الحديث: ٣٣٤٦.
(٢) حاشية الجوهرة: ٤٥.
(٣) فتاوى شيخ الإسلام: (٢/ ٢٢٥).

<<  <   >  >>