للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المناقشة]

لقد تقدم الحديث عن القرآن العظيم من حيث إنه كلام الباري تعالى منه خرج وإليه يعود، وأنه غير مخلوق وأنه بلفظه منزل من عند الله تعالى، مسموع الحروف والأصوات، وكيف أن الأشاعرة قد ضلوا في معتقدهم بالكلام النفسي، والذي زعموا فيه أن الحروف والأصوات من سمات المخلوقين؛ التي لا يجوز نسبتها إلى الباري تعالى على جهة الوصف.

وهنا في هذا المبحث نجد كيف أن ذلك المعتقد كان ذريعة للوقوع في وصف القرآن بالخلق من جهة حروفه وأصواته، فكان هذا من الأشاعرة جهلًا بحقيقته المنزلة، ومتابعة لشبه المعتزلة في اعتقاد خلق القرآن.

والعجيب في هذا أن الصاوي يظن بتحريره المسبق في تفصيل القول في حقيقة القرآن وتقسيمه من حيث الحدوث والقدم؛ بأن القدم من جهة كونه معنى قائمًا بذات الله تعالى، وأن الحدوث من جهة كونه حروفًا وكلمات، قد رد على ما اعتقده المعتزلة في خلق القرآن الكريم، وأنه مع الرازي قد أصاب الهدف في دحض الشبهة.

والصحيح في المسألة كما هو معتقد أهل السنة والجماعة أن القرآن الكريم غير مخلوق، وأن اعتقاد كونه مكونًا من الحروف والكلمات لا يطعن في حقيقة اتصاف الله تعالى به على جهة الكلام، وذلك للأمور التالية:

أولًا: أن الله عز وجل كلم موسى - عليه السلام - بصوت مسموع: {فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى}.

وفي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يحشر الله العباد عراة غرلًا، بهما، قلنا: ما بهما؟

<<  <   >  >>