للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دارت بين المقاتلين الإنجليز وبين المصريين المجاهدين في رشيد، وحماد. وكانت هذه نهاية الاحتلال البريطانى الذي استمرت مدته ستة أشهر (١).

وكان لهذه المعاهدة أثر واضح في بقاء محمد على حاكمًا على البلاد، فقد حولت هذه الاتفاقية الانتباه الأوربى والعثمانى بعيدًا عن مصر لفترة زمنية لا بأس بها، وهو ما مهد الطريق أمام محمد على لتثبيت سلطانه، وإدارة شؤون البلاد بلا أية تدخلات عثمانية، أو أوربية تذكر، فلقد غيرت المعاهدة الأبعاد الجغرافية المهمة للعبة الأوربية، فوضعت مصر في أولوية متأخرة، على عكس الحملة الفرنسية، فبات من الواضح أن المعركة الكبرى كانت ستدور في القارة الأوربية وليس خارجها، وهو ما أبعد عن مصر بلاء لا يعلم مساوئه إلا الله (٢).

[- مذبحة المماليك بالقلعة سنة ١٨١١ م]

لقد عزم محمد علي على تجهيز حملة لمحاربة دعاة التوحيد في نجد؛ وذلك تلبية لأوامر الأستانة، ولكنه خشى من انقلاب عسكرى يقوم به أعداؤه من المماليك إذا غادر مصر مما قد يؤدى إلى نزع السلطة من يده، فرأى أن السبيل الأمثل للاحتفاظ بسلطانه وإبقاء حكمه هو التخلص ممن تبقى من المماليك، فأعد خطة لتحقيق هذه الفكرة الخطيرة، حيث دعا وجهاء الناس لحضور مهرجان فخم بالقلعة في أول مارس ١٨١١ م، وذلك للاحتفال بإلباس ابنه طوسون خلعة قيادة الجيش المزمع بعثه إلى الأراضى الحجازية، فحضر جميع الأمراء، والباشوات، والمماليك وأتباعهم.

وبعد خروج موكب الاحتفال وعلى رأسه ابنه طوسون باشا وكبار الموظفين بالدولة أقفل باب القلعة من الخارج إقفالًا محكمًا في وجه المماليك، وانهال الرصاص عليهم دفعة واحدة، وقد استمر الفتك فيهم من ضحى ذلك النهار إلى هزيع من الليل حتى امتلأ فناء القلعة بالجثث الممزقة.


(١) انظر: عصر محمد على، عبد الرحمن الرافعى: ٧٢.
(٢) المواجهة المصرية الأوربية، محمد البدرى: ٥٧.

<<  <   >  >>