للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعليه فإن "الأولياء يعيشون مغمورين غالبًا ويموتون وهم مجهولون، ويوجد منهم أربعة آلاف لا يعرف أحدهم الآخر، كما لا يتبينون جمال حالهم، وهم مستورون في كل الأحوال عن أنفسهم وعن الخلق أجمعين" (١).

ولهذا فحين سئل أحدهم عن الله تعالى، وعن الولى، أيهما معرفته أصعب؟ قال: معرفة الولى أصعب من معرفة الله تعالى.

حتى بلغ ببعضهم أنه قال: "من ادعى إنه ولي يموت كافرًا؟ .

وقال: إن الولي لو كشف للناس لعبدوه؛ لأن حقيقة الولي أنه يسلب من جميع البشرية، ويتحلى بالأخلاق الإلهية ظاهرًا وباطنًا (٢).

- وتعظيمًا لشأن الولاية وإغراقًا في الانحراف الغالى اتجاهها، فإن بعض الصوفية أمثال الحكيم الترمذي، وابن عربى، يرون ختمها بما يسمى: خاتم الأولياء، ولابن عربي كلام خطير في هذا المنحى، يفصل فيه وجهة نظره في تفضيل خاتم الأولياء على خاتم الأنبياء، وكان هذا الاعتقاد منه برهانًا اعتمده العلماء في تكفيره (٣).

[رأي الشيخ الصاوي]

[حقيقة الولي]

يعرف الصاوي الولي في اللغة، فيقول: "الولى من الولاء وهو العز والقرب والنصرة.

أما في الاصطلاح، فيقول في معنى الأولياء: "جمع ولي وهو المواظب على الطاعات، التارك للمنهيات، المعرض عن اللذات والشهوات، فلا يفعل شهوة من حيث هي شهوة، بل أفعاله دائرة بين واجب ومندوب، مثل: يأكل بقصد التقوى


(١) تاريخ التصوف في الإسلام، الدكتور: قاسم غني: ٣٣٧.
(٢) انظر: إلى التصوف يا عباد الله، للشيخ الجزائري: ٣٧. مع تصرف يسير.
(٣) انظر: فصوص الحكم: ١٦١ - ١٦٤. وانظر: مجموع الفتاوي: (٣/ ٢٢٣).

<<  <   >  >>